ينتمي بدو القدس إلى عشيرة “الجهّالين”، ويُعرفون في فلسطين باسم “عرب الجهّالين”، تنحدر أصولهم من منطقة بئر السبع التي كانوا يسكنونها قبل حرب عام 1948 بمنطقة تل عراد في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.
وكانوا يتنقلون في أرجاء المنطقة باحثين عن مصادر الماء والمراعي لمواشيهم، وبعد اندلاع الحرب عام 1948 هجرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدف بناء مستوطنة “عراد” الإسرائيلية على أراضي تل عراد.
وقد لجأ معظمهم إلى الأردن، ومن تبقى منهم في فلسطين توزعوا في عدة تجمعات بدوية في السفوح الشرقية للقدس وبيت لحم والخليل وتم تسجيلهم في قائمة اللاجئين.
وفي عام 1967 استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مئات الآلاف من الدونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع) من الأراضي التي كانت تصنف مراعي، وأعلنتها مناطق عسكرية مغلقة، وبنت عليها المعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية مثل مستوطنة معاليه أدوميم.
وعقب توقيع اتفاقية أوسلو الثانية في عام 1995 استغلت قوات الاحتلال وجود البدو في المناطق المصنفة (ج) في الاتفاقية المذكورة، والتي تقع تحت السيطرة الأمنية والإدارة الإسرائيلية، فهدم بيوتهم ومضاربهم ونقلتهم قسرا بشاحنات بعيدا عن مواقعهم الأصلية بذريعة أن هذه المضارب البدوية تشكل خطرا أمنيا على المستوطنات المحيطة، وعائقا للنمو العمراني الإسرائيلي في المنطقة الشرقية للقدس.
الموقع
يتركز بدو الجهالين في 23 تجمعا بدويا في 4 مناطق رئيسية في الضفة الغربية، وهي:
- التجمع البدوي في منطقة الخان الأحمر: ويقع على طريق أريحا.
- التجمع البدوي في بلدة عناتا: ويقع شرق بلدة عناتا، ويتهدد سكان هذا التجمع خطر الإخلاء والهدم، إذ عمدت سلطات الاحتلال إلى تهجيرهم عدة مرات.
- تجمع وادي أبو هندي: وهو تجمع مهدد أيضا بالإخلاء والهدم، ويقع على بعد 5 أميال شرق بلدة أبو ديس في واد يفصل بين جبلين تتمركز على قمتهما مستوطنتا معاليه أدوميم وكيدار. ويرتبط هذا التجمع بطريق ترابية وعرة.
- تجمع الجبل: ويعتبر التجمع الرئيسي والحضري لعرب الجهالين، وهو جزء من أراضي بلدة أبو ديس، وتم تهجير عرب الجهالين إليه عام 1997، بعد أن صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جزءا من أراضي أبو ديس وخصصت نصف دونم منها لكل عائلة من عائلات عرب الجهالين وأجبرتهم على السكن فيها بالقرب من مكب النفايات التابع لبلدة أبو ديس، ومنعتهم من العودة ومنحتهم تراخيص بناء في هذه المنطقة لإبعادهم عن مواقعهم الأصلية.
السكان
يبلغ العدد الإجمالي لسكان بدو الجهالين في جميع أماكن وجودهم في محافظة القدس نحو 7 آلاف نسمة، يتوزعون في 4 أماكن رئيسية، وتعود أصولهم لعائلات مختلفة.
ويتألف سكان تجمع عرب الجهالين من عدة عائلات، منها: عائلة أبو غالية وعائلة الهرش وعائلة السبايلة وعائلة الفراحات وعائلة المزارعة وعائلة العويضات وعائلة الحجوج وغيرها.
وفي بداية لجوئهم عام 1948م تركز معظمهم في منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية، ثم غادر جزء منهم على فترات زمنية متفاوتة نحو القدس وضواحيها، حيث تعود أصولهم إلى بئر السبع.
الاقتصاد
معظم عرب الجهالين يعتمدون في معيشتهم على رعاية الأغنام، ويهددهم خطر الترحيل ويؤثر على نمط حياتهم ويهددهم بفقدان مهنتهم الرئيسية التي هي الرعي.
يعتمد الاقتصاد في تجمع عرب الجهالين على عدة قطاعات، أهمها سوق العمل الإسرائيلي، التي تستوعب 89% منهم ضمن القوى العاملة في قطاع التجارة وقطاع الوظائف.
تضييقات الاحتلال
تتشابه الممارسات التعسفية ضد بدو فلسطين من ناحية التهديد بفقدان مكان السكن ومصادرة الأراضي وتضييق حيز المراعي والحركة، لكن هذه الممارسات ضد تجمعات القدس البدوية تتخذ شكلا أكثر صرامة، لأن وتيرة التهويد في المدينة ومحيطها تتسارع يوميا لتحقيق المخطط الإسرائيلي المعروف بـ”القدس الكبرى”.
يواجه البدو في ضواحي القدس تحديات يومية تتعلق بتقييد حركتهم وتحديد مساحات الرعي، ومنع دخولهم إلى بعض المناطق القريبة من تجمعاتهم بذريعة تسميتها “مناطق عسكرية”، إضافة إلى تمرير أوامر عسكرية تسمح بهدم التجمعات وإخلائها سريعا.
وتهدف إسرائيل من خلال طرد بدو القدس من تجمعاتهم إلى تحقيق معادلة “أكبر عدد من الفلسطينيين على أقل مساحة من الأرض”، بدل المساحات الكبيرة التي يعيش عليها البدو ومواشيهم، وذلك لتفريغ محيط المستوطنات وجوانب الشوارع الإسرائيلية السريعة من أي وجود فلسطيني.
ومع مخططات الاستيطان الجديدة التي تشمل بناء جدار الفصل الإسرائيلي والمخطط الاستيطاني “إي 1” (E 1)
في المنطقة، يهدد أهالي تجمع عرب الجهالين خطر الهدم والترحيل القسري، بسبب أن هذه المخططات سوف تأتي على حساب أراضيهم.
ويعاني عرب الجهالين أيضا في تجمعاتهم من انعدام البنية التحتية بسبب المنع الإسرائيلي، إذ لا توجد لديهم طرق معبدة ولا شبكات مياه ولا كهرباء ولا هاتف، مما يزيد من معاناتهم.
المخططات الإسرائيلية في بادية القدس
كان بناء مستوطنتي كيدار ومعالي أدوميم أول محطة تهدف إلى التضييق على بدو شرق القدس وتقييد حركتهم، إذ تسعى إسرائيل لإجلاء البدو من مناطقهم وتخطط لإعادة توطينهم في منطقة على بعد نحو 12 كيلومترا قرب قرية أبو ديس في منطقة مجاورة لمكب نفايات، وعدم السماح لهم بالرجوع إلى تجمعاتهم المحيطة بمعالي أدوميم.
كما أن الاحتلال لا يسمح لمن لا يسكن في منطقة الخان الأحمر بدخولها، وإن كان من العشيرة ذاتها، وذلك بعد رسم خرائط وتحديد مساحات ضيقة للسكان للتحرك فيها.
وأصدرت “الإدارة المدنية الإسرائيلية” قرارا بهدم كافة المنشآت في الخان الأحمر بحجة أنها غير مرخصة، كما أنها لا تسمح للسكان بالبناء أو التوسع، واشتد عليهم الخناق ومنعوا من إدخال أي مستلزمات من شأنها تخفيف حرارة الصيف على سكانها.
وكل ذلك لأن الخان الأحمر بوابة القدس الشرقية، كما أن الاحتلال يهدف لفصل شمال الضفة عن جنوبها وإقامة ما يعرف بـ”المخطط الاستيطاني إي E1)1)”، وهو سلسلة مستوطنات ضخمة تصل مستوطنات القدس بالأغوار.
ويسعى الاحتلال إلى بناء تجمع سكاني جديد تابع لمستوطنة معاليه أدوميم يربطها مع قلب مدينة القدس، وفي الوقت نفسه يقطع الطريق على القرى والبلدات الفلسطينية الموجودة في المنطقة (عرب الجهالين والزعيم والسواحرة الشرقية وأبو ديس والعيزرية والطور والعيسوية وعناتا) ويمنعها من حقها في التوسع العمراني، ويضع عائقا أمام التواصل الجغرافي الطبيعي بين شمال وجنوب الضفة الغربية.
ويشمل مخطط “إي 1” (E1) بناء 3900 وحدة استيطانية جديدة غرب وشمال مستوطنة معاليه أدوميم، وهي جزء من المخطط الهيكلي للمستوطنة، ومن المتوقع أن تساهم في زيادة عدد سكانها. ومع استكمال المخطط سيتم إغلاق الحزام الاستيطاني الإسرائيلي الدائري المحيط بمدينة القدس بشكل محكم.
ويخنق المخطط تجمع عرب الجهالين من الجهتين الشرقية والجنوبية، ومن شأنه أن يفقده ما مساحته 1461 دونما تشمل المناطق المفتوحة والزراعية والمراعي المحيطة به، ومن ثم سيؤدي إلى تهجير سكانه.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل255 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.