رييل ستوري | بول جراهام.. من البرمجة إلى تأسيس أكثر حاضنة شركات نجاحًا بالعالم

بول جراهام هو مبرمج وكاتب ومفكر، يعرف في الغالب بالمؤسس المشارك لشركة Y Combinator، حاضنة الشركات الناشئة الأكثر نجاحًا في العالم. في عام 2004 أصدر مختارات بعنوان “Hackers and Painters” والتي تستكشف مجموعة متنوعة من الموضوعات من القضايا الاجتماعية والثقافية إلى الجوانب التقنية للغات البرمجة.

بدأ جراهام بعد تخرجه في علوم الكمبيوتر بدراسة الرسم في مدرسة رود آيلاند للتصميم وفي Academia di Belle Arti في فلورنسا. لقد طور حياته المهنية وهويته من خلال الدمج بين ثنائيتين: تقني – فنان، ولكن أيضًا رجل أعمال – كاتب.

بول جراهام

قرر المؤسس المشارك لـY Combinator متابعة اهتماماته الحقيقية. وقد ساعده الجمع بين خلفيته الفنية والعبقرية التقنية في أن يصبح واحدًا من أنجح رواد الأعمال والمستثمرين والكتاب في وادي السيليكون.

بول جراهام هو عالم متعدد المواهب موهوب بشكل شامل وفضولي حقًا، وقد طور أنماطًا فكرية مثيرة للاهتمام ووجهات نظر تلهم الناس وتتطرق إلى مجموعة متنوعة من الموضوعات.

توفي بول جراهام جونسون (بوبي)، الزوج والأب والجد والأخ المحبوب يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، عن عمر يناهز 86 عامًا في مستشفى كيب فير فالي في فايتفيل.

ولد بول في 12 أغسطس 1938 في إروين، ابن الراحل ويلي وايلون وهازل لي جونسون. كما سبقه الموت إخوته وايلون جونيور وديفيد بي وشيريل آيس جونسون. وشقيقتيه ليندا دوكيت ودوريس ستيوارت.

قضى بول حياته محاطًا بالعائلة والأصدقاء، مستمتعًا بشغفه بإذاعة CB، وولعه بالأفلام الغربية القديمة وقضاء الوقت مع العائلة.

العزيمة والنجاح

مثل جميع المستثمرين، نقضي الكثير من الوقت في محاولة معرفة كيفية التنبؤ بالشركات الناشئة التي ستنجح، لقد تعلمنا بسرعة أن أهم مؤشر للنجاح هو الإصرار؛ فالتصميم هو السمة الحاسمة لأي نجاح.

كان بول جراهام يحاول في مقالته واسعة الانتشار بعنوان “تشريح العزم” تقسيمها في سياق أوسع، وتسليط الضوء على المكونات الرئيسية لكيفية عمل العزم وكيفية الاستفادة من فهمه.

يلاحظ بول جراهام أننا كثيرًا ما نبالغ في تقدير الموهبة ونقلل من قوة الإصرار. أنقى وأبسط أشكال الإصرار هو الإصرار المطلق. باختصار، هذا يعني أنه إذا كنت تريد شيئًا ما، فعليك تحقيقه مهما كان الأمر.

وتعد الموهبة ولحظات خيال العبقرية الخالصة من قصص العلاقات العامة الجيدة التي غالبًا ما تكون عكس الشكل الذي يبدو عليه الواقع وتتجاهل الجانب الحاسم المتمثل في الإصرار والتصميم.

هناك الكثير من الأشخاص الأذكياء؛ مثل بيل جيتس الذين لا يحققون شيئًا. في معظم المجالات، يتم المبالغة في تقدير الموهبة مقارنة بالإصرار – ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تقدم قصة أفضل، وجزئيًا لأنها تعطي المتفرجين عذرًا للكسل، وجزئيًا؛ لأنه بعد فترة من الوقت يبدأ الإصرار في الظهور وكأنه موهبة.

العناد في حياة بول جراهام

ومكونات العزم هي: “الإرادة، والانضباط، والطموح”. والخبر السار هو أنه يمكنك تحسين اثنين على الأقل من هذه المكونات.

ذكر بول جراهام المبرمج والكاتب أن قدرًا كبيرًا من العناد يجب أن يكون فطريًا. ومع ذلك، فإن الظروف هي أداة جيدة يمكننا استخدامها لتغيير وتحسين الإرادة.

وعلى مستوى أعلى، يبدو أن طبيعتنا لا تزال أكثر أهمية وحتمية من الظروف، على الرغم من أننا يجب أن نعمل على بيئتنا لتحسين حالة الأشياء، حتى لو كان تغييرًا بسيطًا.

ومن الجيد أن تكون عناصر التصميم الثلاثة بمستوى مرضٍ. كما أشار لها بول جراهام في مقالته: “الظروف السيئة يمكن أن تكسر روح الشخص القوي الإرادة”.

والعنصر الآخر الأكثر مرونة أيضًا هو الانضباط الذي يمكننا إتقانه. وهذا له آثار أخرى يمكننا الاستفادة منها؛ لأنه إذا أمكن تنمية الانضباط، فلدينا القدرة على التأثير وتوجيه مسار حياتنا. وأضاف جراهام:

“إذا كان العزم هو نتاج الإرادة والانضباط، فيمكنك أن تصبح أكثر تصميمًا من خلال كونك أكثر انضباطًا”.

الإرادة القوية سبب النجاح

إن الإرادة القوية، والبيئة الرائعة ذات الانضباط المزروع، تعزز تصميمنا؛ ما يعني أنه يمكننا زيادة احتمالات نجاحنا بشكل مباشر. شارك بول جراهام تشبيهًا رائعًا حول هذا الموضوع:

“يمكننا أن نتخيل الإرادة والانضباط كإصبعين يعصران بذرة بطيخ زلقة. كلما زاد الضغط عليهما، طارت البذرة لمسافة أبعد، لكن يجب أن يضغطا بشكل متساوٍ وإلا دارت البذرة جانبًا”.

العنصر الأخير في التصميم هو الطموح، والذي يبدو أيضًا أنه قابل للتطبيق تمامًا؛ إذا كان الإصرار والانضباط هو ما يوصلك إلى وجهتك، فإن الطموح هو كيف تختار ذلك.

خلق الثروة

إن الوصفة نفسها التي تجعل الأفراد أغنياء هي التي تجعل الدول قوية. دع المهووسين يواصلون إطلاق أموالهم، وسوف تحكم العالم.

كتب بول جراهام عدة مقالات حول موضوع الثروة المفهومة على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، ما تجدر الإشارة إليه هو أن طريقة تفكيره في الثروة تتجاوز وجهات النظر الضيقة. لقد استوعب فكرة الثروة في السياق الأكبر، حيث جمع بين معرفته وخبرته في الشركات الناشئة والتاريخ والاقتصاد.

يربط جراهام بين العديد من المجالات ويعطي صورة أوسع لخلق الثروة، وهي صورة عملية أولًا من المنظور الفردي وثانية ثاقبة من المنظور العالمي؛ إذ توفر معلومات حول كيفية تغير الثروة على مر القرون. إحدى المقالات الأكثر شعبية الموجهة نحو الثروة والتي كتبها جراهام هي “كيفية تكوين الثروة” و”كيف يصبح الناس أثرياء الآن”.

الثروة التي اعتدنا رؤيتها تختلف تمامًا عن الثروة التي يتم صنعها هذه الأيام. الفرق الرئيسي بين تكوين الثروة في الأيام الخوالي واليوم هو المصدر. ذات مرة كانت الثروة تأتي من الميراث.

كيف يصنع الناس هذه الثروات الجديدة

“في عام 1982، كان الميراث المصدر الأكثر شيوعًا للثروة. من بين أغنى 100 شخص، 60 ورثوا من أحد الأجداد. كان هناك 10 ورثة لدو بونت وحدهم… كيف يصنع الناس هذه الثروات الجديدة؟ ما يقرب من 3/4 عن طريق إنشاء الشركات و1/4 عن طريق الاستثمار. من بين 73 ثروة جديدة في عام 2020، 56 منها مستمدة من حقوق المؤسسين أو الموظفين الأوائل (52 مؤسسًا، واثنين من الموظفين الأوائل، وزوجتي المؤسسين)، و17 من إدارة صناديق الاستثمار.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا تحول فيما يتعلق بالشركات التي تحقق أكبر قدر من الثروة. على سبيل المثال، الشركات التي جلبت أكبر قدر من الثروة في الثمانينات كانت تعمل في قطاع النفط والعقارات. لكن حيدات القرن اليوم تولد في مجال التكنولوجيا. ويقدم استنتاجات حول هيكل وكيفية توسيع نطاق الشركات التي تستخدم التكنولوجيا.

تمكن التكنولوجيا من خفض تكلفة بناء المنتجات والحصول على العملاء، مما أدى إلى تحول ميزان القوى بين المؤسسين والمستثمرين:

عندما كان إنشاء شركة ناشئة يعني بناء مصنع، كنت بحاجة إلى إذن المستثمرين للقيام بذلك على الإطلاق. لكن يحتاج المستثمرون الآن إلى المؤسسين أكثر من حاجة المؤسسين إلى المستثمرين، وقد أدى ذلك، إلى جانب الكمية المتزايدة من رأس المال الاستثماري المتاح، إلى ارتفاع التقييمات.