رييل ستوري | فانيسا هدسون.. من التدقيق الداخلي إلى قيادة «كوانتاس»

لم يكن صعود فانيسا هدسون إلى منصب الرئيس التنفيذي لشركة “كوانتاس” وليد الصدفة، بل تتويجًا لمسيرة مهنية حافلة بدأت كمشرفة تدقيق داخلي.

وتعدّ قصة فانيسا هدسون نموذجًا للمثابرة والتدرج الوظيفي؛ حيث قادتها خبراتها المتنوعة في القطاعات المالية، والتجارية، وخدمة العملاء، إلى قمة الهرم الإداري في واحدة من كبرى شركات الطيران في العالم.

وهي اليوم تقود الشركة وسط ظروف معقدة، بعد أن تسلمت مقاليد الإدارة خلفًا لـ”آلان جويس”.

الحياة المبكرة والتعليم

وُلدت فانيسا هدسون في السادس عشر من سبتمبر عام 1970م، ونشأت في شمال مدينة سيدني الأسترالية. التحقت بكلية بيمبل للسيدات عام 1986؛ حيث تلقت تعليمها الأساسي.

وفي مرحلة لاحقة توجهت إلى التعليم العالي؛ إذ تخرجت في جامعة سيدني للتكنولوجيا عام 1991م بدرجة بكالوريوس في إدارة الأعمال. هذه الخلفية الأكاديمية في الإدارة وفرت لها أساسًا قويًا للانطلاق بمسيرتها المهنية.

وفي إطار تعزيز مهاراتها المهنية قُبلت فانيسا هدسون في عام 1994 كعضو في معهد المحاسبين القانونيين الأسترالي. ثم أصبحت لاحقًا زميلة في المعهد، وهو ما يؤكد كفاءتها وخبرتها في مجال المحاسبة والمالية.

هذه الشهادات المهنية كانت بمثابة نقاط تحول رئيسية في حياتها المهنية، ومكنتها من تولي مناصب قيادية رفيعة في المستقبل.

المسيرة المهنية

بدأت فانيسا مسيرتها المهنية بمجال التدقيق الخارجي في شركة “ديلويت توش توهماتسو” لمدة عامين؛ حيث اكتسبت خبرة ثمينة في تحليل العمليات المالية والتشغيلية للشركات.

وفي عام 1994 انضمت إلى شركة “كوانتاس” كمشرفة تدقيق داخلي، في خطوة مثلت بداية رحلتها الطويلة داخل الشركة. وسرعان ما تدرجت في المناصب لتصبح مراقبًا ماليًا بالقسم التجاري في كوانتاس. ما يظهر قدرتها على إدارة العمليات المالية المعقدة.

وفي عام 1997م، عُينت فانيسا مديرة لمنتجات التموين، ثم مديرة تنفيذية للمنتجات والخدمات عام 2005. وهي مناصب أتاحت لها فرصة التعامل المباشر مع جوانب مختلفة من أعمال الشركة.

وبصفتها المديرة التنفيذية للتخطيط التجاري في كوانتاس تم استدعاؤها كشاهدة في جلسة استماع طارئة لـFair Work Australia بشأن النزاعات الصناعية في كوانتاس عام 2011. وهو موقف يدل على دورها القيادي في التعامل مع الأزمات.

إدارة العمليات الدولية

فيما بعد انتقلت فانيسا إلى لوس أنجلوس في عام 2013 عندما تم تعيينها نائبة الرئيس الأولى للفرع الأمريكي لشركة كوانتاس. في خطوة تعكس ثقة الإدارة في قدرتها على إدارة العمليات الدولية.

وعادت إلى أستراليا في عام 2016 بعد أن أصبحت المديرة التنفيذية للمبيعات والتوزيع في الشركة. وهو منصب سمح لها بتوسيع خبراتها في مجال التجارة.

وفي عام 2018 كانت فانيسا من الحكام الذين ساعدوا على تسمية “100 امرأة مؤثرة” من قبل مجلة Australian Financial Review. وهو تقدير لدورها كشخصية قيادية مؤثرة.

وفي فبراير 2018 تم تعيينها رئيسة قسم خدمة العملاء في مجموعة كوانتاس، ثم أصبحت المديرة المالية. وهو منصب يعدّ من أهم المناصب في الشركة.

وبصفتها المديرة المالية شاركت فانيسا في عدد من الأمور المعقدة في كوانتاس، بما في ذلك الإجراء القانوني لمطار بيرث ضد شركة الطيران في عام 2018. والذي تم حله في النهاية في المحكمة العليا لغرب أستراليا.

كما شغلت المنصب أثناء جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا، وكلاهما أثر في أسعار النفط العالمية. ما دفع شركة الطيران إلى تنفيذ إستراتيجية تحوط معقدة.

الرئيس التنفيذي لشركة كوانتاس

وفي مايو 2023 أُعلن أن فانيسا ستخلف آلان جويس في منصب الرئيس التنفيذي لشركة كوانتاس. لتصبح أول امرأة تقود الشركة.

وكان من المقرر في البداية تعيينها رسميًا خلال نوفمبر 2023، لكن رحيل جويس المبكر في سبتمبر، بعد الكشف عن احتمال استمرار الشركة في بيع تذاكر رحلات تم إلغاؤها بالفعل، عجّل بتعيينها في اليوم التالي. ما وضعها مباشرة في صميم التحديات الإدارية.

وبفضل مسيرتها المهنية الحافلة حظيت فانيسا هدسون بالعديد من التكريمات؛ حيث تم إدراجها في قائمة فورتشن لأقوى النساء لعام 2023. وهو تقدير دولي رفيع المستوى يسلط الضوء على مكانتها كقائدة عالمية في عالم الأعمال.

وهي تعد نموذجًا للقيادة النسائية الناجحة، التي شقت طريقها من المناصب الابتدائية إلى أعلى المناصب الإدارية في شركة عالمية.

نموذج ملهم للمثابرة والطموح

في النهاية تشكل قصة نجاح فانيسا هدسون نموذجًا ملهمًا للمثابرة والطموح؛ حيث أثبتت أن الخبرة المتراكمة والتدرج الوظيفي المدروس هما الركيزتان الأساسيتان للوصول إلى القمة.

ومن منصب مشرف التدقيق الداخلي، استطاعت أن تشق طريقها بفضل تفانيها ومهارتها. لتصل إلى قيادة واحدة من كبرى شركات الطيران في العالم.

وعلى الرغم من التحديات الجسام التي واجهتها كوانتاس، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة والأزمات العالمية، فإن تعيين فانيسا كرئيسة تنفيذية يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز ثقة الشركة في المستقبل.

وبصفتها أول امرأة تتولى هذا المنصب، لم تكتفِ فانيسا هدسون بالوصول إلى قمة الهرم، بل أصبحت أيضًا رمزًا للقيادة النسائية الناجحة. ما يرسخ مكانتها كقائدة مؤثرة وملهمة للأجيال القادمة.