قائمة المحتويات
فاسكو دي غاما ملاح ومستكشف برتغالي ولد عام 1460م، قاد أول رحلة استكشاف من أوروبا إلى الهند حول أفريقيا، وكان أول أوروبي يصل الهند عن طريق البحر، وهكذا اكتشف طريقا يربط أوروبا وآسيا عن طريق المحيط.
مكّن اكتشافه الطريق البحري الجديد البرتغاليين من الوصول بسهولة إلى آسيا واستعمار كثير من مناطقها، مما أتاح لهم فرصا تجارية وسياسية. ولكن التاريخ يكتب أيضا أنه كان كارها للمسلمين، وقد ارتكب مجازر شنيعة بحقهم.
المولد والنشأة
ولد فاسكو دا غاما عام 1460م في مدينة “سينيز” جنوبي البرتغال، وسط عائلة نبيلة؛ فهو الابن الثالث لوالده لاستيفاو دا غاما الذي كان حاكم منطقة سينيز، أما والدته فمن أصول إنجليزية، ولها قرابة بنجل ملك البرتغال.
نشأ على وقع الرحلات الاستكشافية منذ صغره، والتحق في عمر الـ11 عاما بوالده ضمن صفوف منظمة “فرسان سانتياغو”، وهي منظمة مسيحية عسكرية مساندة لملك البرتغال جواو الثاني، الذي تربع على العرش سنة 1481م.
تزوج حوالي سنة 1500م بكاتارينا دا أتايد، ابنة أحد النبلاء البارزين، وأنجبا 6 أبناء وبنتا وحيدة.
الدراسة والتكوين العلمي
لا يُعرف الكثير عن حياته المبكرة، على الرغم من أن بعض المصادر تشير إلى أنه درس في مدينة إيفورا، ويعتقد أنه خلال هذا الوقت اكتسب كفاءته في علم الفلك والرياضيات.
وقيل أيضا إنه درس على يد المنجم وعالم الفلك أبراهام زاكوتو، إلا أنه لم يتم التحقق من هذا الادعاء.
تجربة الاستكشاف
خاض دا غاما العديد من الرحلات البحرية، أهمها 3 رحلات، ففي عام 1495م توفي الملك جواو الثاني وخلفه مانويل الأول، الذي كلفه برحلته البحرية الاستكشافية الأولى نحو الشرق عبر جنوب أفريقيا.
الرحلة الأولى
لا يعرف المؤرخون إلا القليل عن السبب وراء اختياره لقيادة البعثة إلى الهند في عام 1497م، حيث كان لا يزال مستكشفا عديم الخبرة، لكنه في الثامن من يوليو/تموز من ذلك العام تولى قيادة فريق من 4 سفن بما في ذلك سفينته الرائدة “سانت غابرييل”، التي يبلغ وزنها 200 طن، لإيجاد طريق للإبحار إلى الهند والشرق.
روّج لرحلته الاستكشافية على أن هدفها تجاري، لكنها في الحقيقة هدفت إلى إيجاد مملكة الكاهن يوحنا والتحالف معه ضدّ الدولة العثمانية.
ومملكة الكاهن يوحنا هي مملكة مسيحية أسطورية، يُقال إنها سادت في آسيا الوسطى (أو شرق آسيا أو إثيوبيا) في القرون الوسطى. وقد شغلت بال العديد من الرحالة الذين حاولوا البحث عنها، ومن بينهم الإيطالي الشهير ماركو بولو، الذي ادعى أنه وجدها في الصين خلال رحلته الاستكشافية في القرن الـ13.
بعد أشهر من الإبحار، دار دا غاما حول رأس الرجاء الصالح، وبدأ يشق طريقه نحو الساحل الشرقي لأفريقيا باتجاه المياه المجهولة للمحيط الهندي.
بحلول شهر يناير/كانون الثاني 1498، وعندما اقترب الأسطول مما يعرف الآن بموزمبيق، أصيب العديد من أفراد طاقمه بمرض الإسقربوط، مما أجبر البعثة على الرسو للراحة والإصلاحات لمدة شهر تقريبا.
في أوائل مارس/آذار 1498، أنزل وطاقمُه مراسيهم في ميناء موزمبيق، وكان يهيمن عليها التجار المسلمون. وهناك تم إرجاعه من قبل السلطان الحاكم، الذي شعر بالإهانة من هدايا المستكشف المتواضعة.
بحلول أوائل أبريل/نيسان من العام ذاته، وصل الأسطول إلى ما يعرف الآن بكينيا، قبل أن يبحر في رحلة مدتها 23 يوما عبر المحيط الهندي.
وصل إلى “كاليكوت” بالهند يوم 20 مايو/أيار من العام نفسه. ولكن جهله بالمنطقة، فضلا عن افتراضه أن السكان كانوا مسيحيين، أديا إلى بعض الارتباك، حيث كان سكان كاليكوت من الهندوس، وهي حقيقة غابنت عنه وعن طاقمه، إذ إنهم لم يسمعوا عن هذه الديانة.
ومع ذلك، رحب الحاكم الهندوسي المحلي به وبرجاله في البداية، وانتهى الأمر بالطاقم بالبقاء في كاليكوت ثلاثة أشهر. ولم يتقبل السكان وجودهم، وخاصة التجار المسلمين الذين لم يكن لديهم أي نية للتخلي عن أراضيهم التجارية للزوار المسيحيين.
في نهاية المطاف، اضطر دا غاما وطاقمه إلى المقايضة على الواجهة البحرية من أجل تأمين ما يكفي من البضائع للعودة إلى الوجهة التي انطلق منها.
في أغسطس/آب 1498، انطلق ورجاله في رحلة عودتهم إلى البرتغال، وأخذ معه 5 أو 6 هندوس حتى يتمكن الملك مانويل من التعرف على عاداتهم، وتزامن رحيلهم مع بداية الرياح الموسمية.
بحلول أوائل عام 1499، زار جزيرة أنجيديف (بالقرب من غوا) قبل الإبحار إلى ماليندي، التي وصل إليها في 8 يناير/كانون الثاني من العام ذاته. وبعد ما يقرب من 3 أشهر من عبور بحر العرب، مات العديد من أفراد الطاقم بسبب مرض الإسقربوط.
وفي ماليندي، وبسبب الانخفاض الكبير في الأعداد، وفي محاولة لتوفير أسطوله، أمر بحرق إحدى سفنه. ولم تصل السفينة الأولى في الأسطول إلى البرتغال حتى 10 يوليو/تموز 1499، أي بعد عام كامل تقريبا من مغادرتهم الهند.
في المجمل، قطعت الرحلة الأولى ما يقرب من 24 ألف ميل في حوالي عامين، ولم ينج سوى 54 من أفراد الطاقم الأصليين البالغ عددهم 170 فردا. كما لم يجد دا غاما أثرا للكاهن يوحنا ومملكته، ولم يلتقِ إلّا بعددٍ قليل من المسيحيين. إضافة لخيبة أملٍ كبيرة حين علم أن “راجا” ملك مدينة كاليكوت الهندية ليس مسيحيا، بل هندوسيا.
كانت لهذه الرحلة نتائج من أهمها زيادة الأطماع الاستعمارية للبرتغاليين، ورغبتهم في الاستيلاء على طريق التجارة إلى الهند وأخذه من المسلمين، فبعث الملك مانويل الأول بحملة بحرية عسكرية بقيادة “بيدرو ألفاريز كابرال” مؤلفة من 13 سفينة إلى الهند، وقد صدَّ الهنود بدعم من العرب هذه الحملة ببسالة، وقتلوا عددا كبيرا منها، في المقابل قتل كابرال 600 رجل في سفن المسلمين.
وبعد هذه الحملة التي كان أبرز نتائجها تأسيس أول ميناء تجاري برتغالي في الهند، أوكل الملك مانويل الأول إلى فاسكو دا غاما مهمة رحلة من أجل تحقيق ما لم تحققه الحملة السابقة.
الرحلة الثانية والمجازر بحق المسلمين
أعطيت قيادة الأسطول إلى دا غاما، الذي حصل في يناير/كانون الثاني 1502 على لقب أميرال. كان يقود 10 سفن، وكانت بدورها مدعومة بأسطولين، يتألف كل منهما من 5 سفن، وكان كل أسطول تحت قيادة أحد أقربائه.
أبحر الأسطول في فبراير/شباط 1502، وتوقف في الرأس الأخضر، ووصل إلى ميناء سوفالا في شرقي أفريقيا يوم 14 يونيو/حزيران 1502.
وبعد التوقف لفترة وجيزة في موزمبيق، أبحرت البعثة البرتغالية إلى كيلوا، التي تعرف الآن بتنزانيا، وكانت علاقة حاكم كيلوا الأمير إبراهيم سيئة مع كابرال. فهدد دا غاما بحرق كيلوا إذا لم يستسلم للبرتغاليين ويقسم الولاء للملك مانويل، وهو ما فعله بعد ذلك.
عند ساحل جنوب شبه الجزيرة العربية، وصل إلى “جوا” (التي أصبحت فيما بعد مركز القوة البرتغالية في الهند) قبل أن يتوجه إلى “كانانور”، وهو ميناء في جنوبي غربي الهند شمال كاليكوت، حيث كان ينتظر الشحن العربي.
وبعد عدة أيام وصلت سفينة عربية تحمل بضائع وعلى متنها ما بين 200 و400 مسافر من الحجاج العائدين من مكة، من بينهم نساء وأطفال. وبعد الاستيلاء على الشحنة، حبس دا غاما الركاب على متن السفينة وأضرم فيها النار، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها، ونتيجة لذلك، تعرض للتشهير وارتبطت أساليب التجارة البرتغالية بالإرهاب.
كما شنق 38 صيادا وقطع رؤوسهم وأطرافهم لإرهاب السكان وإجبارهم على الخضوع والاستسلام. وعندما وصل إلى موزمبيق قصفها بالمدافع ودمرها على رؤوس ساكنيها. أما في الهند فقد طلب من حاكم مدينة كاليكوت طرد جميع المسلمين، وعاقب كل من لا ينزل تحت أوامره، وفرض على جميع التجار العرب الضرائب والإتاوات مقابل السماح لهم بحرية الملاحة وممارسة نشاطهم التجاري.
أخيرا، في 20 فبراير/شباط 1503، بدأ في العودة إلى دياره مع طاقمه. ووصلوا إلى البرتغال يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، ولم يعتبر الملك هذه الرحلة ناجحة، ومن لم يحصل دا غاما على أي مكافآت منه.
الرحلة الثالثة التي انتهت بوفاته
بعد رحلتيه إلى الهند، فضّل البقاء رفقة عائلته. وتمتع براحة اختيارية استمرت 20 سنة بدأت عام 1503م.
لكن الملك جواو الثالث (خليفة الملك مانويل الأول) عيّنه في منصب نائب الملك بالهند عام 1524 من أجل محاربة الفساد الذي كان قد بدأ يتفشى في المرافئ التجارية البرتغالية بالهند.
وللقيام بمهمته الجديدة، شدّ رحاله نحو الشرق في العام نفسه، لكنه أصيب بالملاريا بعد وقت قصير من وصوله إلى الهند، وتدهورت صحته بشكل مستمر إلى أن توفي.
ما قدمه للاستعمار البرتغالي
كان أول شخص يبحر مباشرة من أوروبا إلى الهند. وأكبر مساهمة قدمها للبرتغاليين هي اكتشاف طريق بحري مباشر يربط بين أوروبا وآسيا لأول مرة.
هذا العمل الذي أنجزه في رحلته الأولى إلى الهند، لم يفتح العديد من السبل للتجارة العالمية فحسب، بل مهد الطريق أيضا للاستعمار البرتغالي في آسيا.
وفاته
توفي فاسكو دا غاما عشية عيد الميلاد يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1524م عن عمر ناهز 55 عاما، بعد إصابته بالملاريا.
وقد مات في كوشين، ودُفن في البداية فيها قبل أن يتم نقل رفاته إلى البرتغال من قبل أحد أبنائه عام 1539م.
ودفن رفاته في ديرٍ كاثوليكي في القرية التي كان يعيش فيها جنوبي البرتغال قبل رحلته الأخيرة إلى الهند.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل253 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.