قائمة المحتويات
ما من شكٍ أن الحديث عن أغنى الشخصيات في العالم غالبًا ما يتمحور حول أسماء شهيرة؛ مثل: “إيلون ماسك، ومارك زوكربيرج، وجيف بيزوس”. ومع ذلك، تُبرز سيدة الأعمال الفرنسية فرانسواز بيتنكور مايرز كقصة ملهمة بين هذه الشخصيات؛ إذ تمكنت من تحقيق مكانة مميزة في قائمة الأثرياء.
وبفضل إدارتها الحكيمة لثروة عائلتها الضخمة، تربعت بيتنكورت مايرز على عرش أغنى النساء في العالم وهي في السبعين من عمرها، حسب آخر تصنيفات مؤشر بلومبرج للمليارديرات. وتحتل حاليًا المرتبة الثالثة عشرة بين أغنى الأشخاص عالميًا؛ لتكون بذلك مثالًا حيًّا على قوة النساء في قطاع الأعمال.
فرانسواز بيتنكور مايرز
وفي سياق الحديث عن فرانسواز بيتنكورت مايرز، نجد أن مصدر ثروتها يعود إلى ملكية عائلتها لشركة لوريال العملاقة. والتي تعد أكبر شركة مستحضرات تجميل في العالم. هذه الشركة ليست مجرد مصدر ثروة للعائلة؛ بل هي أيضًا رمز للقوة الاقتصادية الفرنسية.
ومن خلال استراتيجية النمو والابتكار التي قادتها بيتنكورت مايرز، استطاعت لوريال الحفاظ على موقعها الريادي في الأسواق العالمية. وهو ما ساهم في تراكم ثروتها بشكلٍ كبير. بينما تتزايد المنافسة في قطاع التجميل، تبقى الشركة تحت قيادتها مثالًا يحتذى به في التطوير المستمر والإدارة الحكيمة.
وبالنظر إلى مسيرة فرانسواز بيتنكورت مايرز، نرى أن نجاحها لم يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب؛ بل امتد ليشمل التأثير الاجتماعي والثقافي أيضًا. فهي لم تركز على تعزيز ثروة عائلتها فقط؛ بل اهتمت بتعزيز دور المرأة في الاقتصاد العالمي. هذا التوجه يظهر بشكلٍ جلي كيف يمكن لقادة الأعمال مثل بيتنكورت مايرز أن يلعبوا دورًا فعالًا في تشكيل مستقبل أكثر توازنًا وشمولًا؛ لذا، يعد اسم فرانسواز بيتنكورت مايرز رمزًا للنجاح الذي يتجاوز حدود الثروة ليشمل الإبداع، والريادة، والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية.
ولادة وطفولة في قلب الإمبراطورية
ولدت فرانسواز بيتنكور مايرز، الوريثة المباشرة لإمبراطورية التجميل العالمية “لوريال”، في 10 يوليو 1953 بمدينة نيويلي سور سين الفرنسية. نشأتها في كنف أسرة عريقة؛ حيث كانت والدتها ليليان بيتنكور ورثة ثروة لوريال، ووالدها أندريه بيتنكور شخصية سياسية بارزة. وقد يبدو واضحًا أن هذه البيئة الفريدة ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في صقل شخصيتها وتوجيه مسار حياتها المهنية.
وترعرعت فرانسواز في كنف الدين الكاثوليكي، وبدأت في سن مبكرة بإظهار اهتمام بالكتاب المقدس؛ إذ كتبت تعليقات وتحليلات دينية. وقد كان هذا الانشغال بالتراث الديني بمثابة الأساس الذي بنيت عليه فلسفتها في الحياة وقيمها الإنسانية.
تعليم أكاديمي متميز وشغف بالمعرفة
وعلى الرغم من نشأتها في كنف ثروة طائلة، لم تستسلم فرانسواز بيتنكور مايرز لإغراءات الحياة الرغيدة؛ بل اختارت أن تكرس نفسها للتعلم والمعرفة. وقد حصلت على درجة البكالوريوس في اليونانية واللاتينية من جامعة نانتير. ثم واصلت بعد ذلك دراستها العليا لتحصل على درجة الماجستير في الدراسات اليهودية من المدرسة العليا.
ويشير هذا المسار الأكاديمي المتنوع إلى عمق اهتمامات فرانسواز وفضولها الفكري. فبعد أن غاصت في أعماق الحضارات القديمة وتاريخ الديانات، استطاعت أن تبني شخصية متوازنة ومتعددة الأوجه، قادرة على فهم العالم من زوايا مختلفة.
انخراط عميق في عالم الأعمال
لم تكتف فرانسواز بالجانب النظري من المعرفة؛ بل حرصت على تطبيق ما تعلمته في الحياة العملية. فبعد أن ورثت إمبراطورية لوريال، انضمت إلى مجلس إدارتها في عام 1997؛ لتبدأ رحلة جديدة في عالم الأعمال. وقد أثبتت منذ البداية قدرتها على القيادة والإدارة؛ إذ ساهمت بآرائها الثاقبة ورؤيتها الاستراتيجية في توجيه مسار الشركة نحو آفاق أوسع.
وبعد فترة ليست بالقصيرة، تولت فرانسواز رئاسة مجلس إدارة شركة العائلة القابضة “تيثيس”، التي تمتلك حصة كبيرة في شركة لوريال. وبذلك، أصبحت القوة الدافعة وراء نجاح هذه الإمبراطورية التجارية الضخمة.
وراثة الإمبراطورية وقيادة سفينة لوريال
ورثت فرانسواز ثروة والدتها الهائلة، في عام 2017؛ لتصبح بذلك أغنى امرأة في العالم؛ إذ بلغت ثروتها الصافية نحو 100 مليار دولار. وبذلك، أصبحت مسؤولة عن قيادة واحدة من أكبر شركات التجميل في العالم، وهي شركة لوريال، والتي تمتلك فيها حصة تقدر بـ33 % مع عائلتها.
ولم تكن عملية وراثة الثروة سهلة؛ إذ واجهت تحديات قانونية كبيرة، أبرزها القضية التي رفعتها ضد فرانسوا ماري بانير، المتهم باستغلال والدتها المسنة. وعلى الرغم من أن هذه القضية أدت إلى فضيحة كبرى هزت أركان العائلة والشركة، إلا أن فرانسواز تمكنت من تجاوز هذه الأزمة بنجاح، وتوصلت إلى تسوية خارج المحكمة.
حياة شخصية متوازنة واهتمام بالقضايا الإنسانية
في حين تشغل فرانسواز بيتنكور مايرز مكانة بارزة في عالم الأعمال، وتدير واحدة من أكبر شركات التجميل في العالم، إلا أنها تحرص على الحفاظ على توازن صحي بين حياتها المهنية وحياتها الشخصية؛ فهي متزوجة من جان بيير مايرز، ولديهما طفلان. وقد تمكنت من بناء عائلة سعيدة ومستقرة.
وعلى الرغم من ثروتها الهائلة وشهرتها الواسعة؛ فإن فرانسواز تتمتع بشخصية متواضعة، وتفضل العيش حياة هادئة بعيدة عن الأضواء. فهي تحرص على قضاء وقت ممتع مع عائلتها وأصدقائها، وتستمتع بالأنشطة البسيطة في الحياة.
استثمارات متنوعة وإسهامات مجتمعية
لم تقصر فرانسواز اهتمامها على شركة لوريال فقط؛ بل امتدت استثماراتها لتشمل شركات عالمية كبرى مثل: ّنستله، سانوفي، وتوتالّ. وهذا التنوع في الاستثمارات يعكس نظرتها الاستراتيجية للأعمال وحرصها على تنويع مصادر الدخل.
وبالإضافة إلى نجاحها في عالم الأعمال، تتميز فرانسواز بمساهماتها الكبيرة في المجالات الثقافية والفنية. فقد حصلت على العديد من الجوائز والتقديرات على أعمالها الأدبية، وأبرزها جائزة prix des Lauriers Verts عن كتابها “A Look at the Bible”. كما أنها تبرعت بمبلغ ضخم لإصلاح كاتدرائية نوتردام بعد الحريق الذي تعرضت له. وهو ما يؤكد التزامها بدعم التراث الثقافي.
دروس ملهمة من مسيرة فرانسواز
تعد فرانسواز بيتنكورت مايرز من الشخصيات المؤثرة في عالم الأعمال، وهي المرأة الأغنى في العالم بفضل قيادتها الحكيمة وإدارتها الناجحة لشركة لوريال. ومع ثروتها الهائلة، لم تكتفِ بتعزيز مكاسبها الشخصية؛ بل قدّمت دروسًا قيمة يمكن الاستفادة منها في الحياة الشخصية والمهنية.
من أهم الدروس التي تعلمناها من “فرانسواز” هو تقدير الوقت بشكل لا يضاهى. فالوقت، بحسب ما تؤكد، هو المورد الأعظم الذي لا يمكن استرجاعه، وعليه فإنّ كل لحظة تمثل فرصة ثمينة لا تُقدر بثمن.
وتذكر أن النجاح في حياتك المهنية والشخصية يعتمد على القدرة على تحديد الأولويات بذكاء. كما من الضروري العمل على توزيع الوقت بما يتناسب مع ما يهمك أكثر.
كما تؤكد فرانسواز على أهمية الحفاظ على الفضول الفكري، والتوسع في المعرفة. فبدلًا من التمسك بما تعرفه فقط، تدعو إلى استكشاف الأفكار الجديدة والانفتاح على الابتكارات. وهو ما يفتح الأبواب أمام فرص جديدة قد لا تكون ظاهرة في البداية.
وبالنسبة إليها، فإن الفضول لا يقتصر فقط على تعلم المزيد عن قطاع واحد؛ بل يمتد إلى اكتشاف مجالات مختلفة وتطوير أفكار جديدة.
-
التحكم في الأفكار
كذلك، لا تخلو مسيرة بيتنكورت مايرز من التحديات والعقبات، بل على العكس، تعتبر أن اللحظات الصعبة والهزائم هي التي ساعدتها في تطوير الوعي الذاتي وتحقيق النجاح. ووفقًا لها، فإن التغلب على النكسات لا يعتمد فقط على الجهود العملية؛ بل يتطلب أيضًا تحكمًا دقيقًا في الأفكار والعواطف. فمن خلال التعامل مع هذه اللحظات بوعي وإدراك، يمكن للفرد إعادة توجيه مساره نحو النجاح.
-
الاستفادة من الفرص
علاوة على ذلك، تؤمن بيتنكورت مايرز بأن العالم مليء بالفرص، ولكن الوصول إليها يتطلب القدرة على استيعاب التغيرات واستكشاف الأسواق المختلفة.
في هذا الإطار، يعد الانفتاح على الشركات الجديدة والمنتجات المختلفة جزءًا من استراتيجيتها الناجحة. فمن خلال توسيع نطاق عملها والانفتاح على تجارب جديدة، استطاعت تعزيز مكانة شركتها في أسواق عالمية مختلفة.
من ناحية أخرى، تؤكد بيتنكورت مايرز على أهمية التطور والنمو الذاتي كجزء لا يتجزأ من رحلة النجاح؛ فبالإضافة إلى الإنجازات المالية، تؤمن بأنّ النجاح الحقيقي يأتي من تحسين الذات باستمرار؛ سواء على المستوى الفكري أو العملي. ومن خلال التركيز على هذا الجانب، تمكنت من تعزيز قدراتها وتوسيع آفاقها. وهو ما جعلها رمزًا للقوة والريادة في عالم الأعمال.
في النهاية، تعد قصة فرانسواز بيتنكور مايرز أكثر من مجرد قصة نجاح مادي. إنها ملحمة إنسانية تبرز قوة الإرادة، والتصميم، والقدرة على التحول. فمن سيدة شابة ورثت إمبراطورية، تحولت إلى قائدة فذة تركت بصمة واضحة على عالم الأعمال.
ما يميز مسيرة فرانسواز هو قدرتها على الجمع بين التراث العائلي والرؤية المستقبلية. فهي لم تكتفِ بالحفاظ على إرث لوريال. كما عملت على تطويره وتوسيع آفاقه لتواكب متطلبات العصر. هذا المزيج من الاحترام للتاريخ والقدرة على التجديد هو ما جعلها رمزًا للريادة في عالم الأعمال.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل973 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق