قائمة المحتويات
كنيسة روسية أرثوذكسية، تقع على منحدر جبل الزيتون في القدس، بنيت في أواخر القرن الـ19 بأمر من إمبراطور روسيا ألكسندر الثالث تخليدا لذكرى والدته الإمبراطورة ماريا ألكسندروفنا.
تحمل اسم مريم المجدلية، تلميذة المسيح التي وصفها القديس توما الأكويني بـ”رسولة الرسل”، ووفق التصور المسيحي فهي المرأة الوحيدة التي ذهبت خلف المسيح في طريقه ليصلب، وكانت أول من رآه بعد عودته للحياة.
وأطلق على الكنيسة هذا الاسم لكون مريم المجدلية هي شفيعة ماريا، والدة الإمبراطور ألكسندر الثالث.
بنيت وفق طراز الكنائس الروسية في القرن الـ16 والـ17، وتتميز بقبابها السبع المذهبة التي يعلوها صليب أرثوذكسي.
تطالب الحكومة الروسية إسرائيل باستعادة ملكية هذه الكنيسة إلى جانب مواقع دينية تاريخية أخرى مثل كنيسة الصعود وكنيسة أهل الجليل.
الموقع
تقع كنيسة مريم المجدلية على منحدر جبل الزيتون قرب حديقة الجسمانيّة وتطلّ على بلدة القدس القديمة.
تاريخ التأسيس
في مايو/أيار 1881 ذهب بعض أبناء الإمبراطورة ماريا ألكسندروفنا في رحلة حج إلى القدس، وتزامن توقيت الرحلة مع الذكرى السنوية الأولى لوفاتها، فاقترح عليهم رئيس البعثة الروسية في القدس الأب أنطونين كابوستين بناء كنيسة في مكان على منحدر جبل الزيتون تخليدا لذكرى والدتهم الراحلة، واستجاب قيصر روسيا الإمبراطور ألكسندر الثالث لهذا المقترح.
ووضع المهندس المعماري الروسي ديفيد إيفانوفيتش غريم، تصميم الكنيسة على طراز الكنائس الروسية في القرنين الـ16 والـ17، ونفذت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية البناء تحت إشراف وتوجيه الأرشمندريت أنطونين.
وموّل القيصر وباقي إخوته بناء الكنيسة من مالهم الخاص، وكلفتهم ما يقارب 200 ألف روبل، بينما شارك أفراد من الطبقة الأرستقراطية في زخرفتها وتجهيزها.
حضر حفل افتتاح الكنيسة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1888 الدوق الأكبر سيرجى ألكسندروفيتش وزوجته الدوقة إليزافيتا فيدوروفنا (أميرة هسن والراين)، وحضره محافظ القدس رؤوف باشا والقنصل اليوناني وأعضاء القنصلية الروسية وأكثر من 150 حاجا روسيا.
وكان لهذه الرحلة الروحية إلى كنيسة مريم المجدلية تأثير كبير في نفس الدوقة إليزافيتا، إذ قررت عام 1890 اعتناق المذهب الأرثوذكسي، ومن شدة إعجابها بالكنسية تمنت أن تُدفن فيها.
بعد وفاة زوجها، باعت الدوقة إليزافيتا مجوهراتها وممتلكاتها الثمينة وشيدت دير القديسة مارثا في موسكو الذي ضم كنيسة ومستشفى لعلاج المرضى ومدرسة للفتيات اليتيمات.
وكرست حياتها للعمل الديني وتدبير شؤون الدير، كما بنت مستشفى في القدس ومؤسسة تختص بتمويل رحلات الحجاج الروس إلى المدينة المقدسة.
في العام 1917 اندلعت الثورة البلشفية في الإمبراطورية الروسية، وأسرت إليزافيتا مع باقي أفراد الأسرة الملكية.
ووفق الروايات المتداولة، فقد نقلت الدوقة إليزافيتا مع راهبة مخلصة تدعى باربارا ياكوفلفا إلى خارج موسكو، وفي الخامس من يوليو/تموز 1918 ألقي بهما مع عدد آخر من أفراد العائلة المالكة في عمق منجم قديم مهجور وأعدموا برمي المتفجرات عليهم.
في عام 1921 تحققت أمنية الدوقة إليزافيتا، إذ نقل رفاتها ورفات رفيقتها الراهبة باربارا إلى القدس ودفن تحت أقواس كنيسة مريم المجدلية، وبعد تطويبهما بصفة كل منهما “قديسة شهيدة” في عام 1981 نقل رفاتهما إلى الجزء الرئيسي من الكنيسة ووضع في أضرحة رخامية.
وكانت الأميرة أليس أميرة بيتنبرغ ووالدة الأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية، قد أوصت بأن تدفن إلى جوار خالتها الدوقة إليزافيتا وهو ما تحقق في أغسطس/آب 1988، إذ نقل رفاتها للدفن في سرداب أسفل الكنيسة.
في بداية القرن الـ20، تم بناء مقبرة روسية بالقرب من كنيسة مريم المجدلية، خصصت لدفن شخصيات من البعثة الروحية الروسية والجمعية الفلسطينية الأرثوذكسية.
مميزات البناء
تعلو الكنيسة 7 قباب ذهبية تميزها عن غيرها من كنائس القدس، فوق كل قبة ينتصب صليب أرثوذكسي روسي طويل.
توجد فوق مدخل الكنيسة فسيفساء زرقاء اللون ودائرية تمثل مريم المجدلية، وواجهتها مصنوعة من الحجر الرملي الأبيض المنحوت.
ورسم أحد أشهر فناني روسيا في تلك الفترة، ويدعى إيفانوف، اللوحات الكبيرة المعلقة على الجدران الأربعة للكنيسة، وكان الأرشمندريت أنطونين قد اقترح مضمونها الذي يعكس الحلقات الرئيسية في حياة مريم المجدلية.
في الجدار الجنوبي لوحة عن شفاء المجدلية على يد المسيح، وعلى الجدار الغربي لوحة لها وهي أمام الصليب، وعلى الجدار الشمالي لوحة تجسد ظهور المسيح لها بعد قيامته من بين الأموات، حسب المعتقدات المسيحية.
أما على الجدار الشرقي فوق المذبح فتوجد لوحة تجسد مريم المجدلية تحمل في يدها اليمنى بيضة حمراء تمثل إعادة البعث والحياة الخالدة وتروي للإمبراطور الروماني طيباريوس عن الحكم الظالم بصلب المسيح.
يوجد على يمين هذه اللوحات صندوق خشبي مرصع بمنحوتات للقديسين والشهداء، ويضم رفات هؤلاء القديسين، أما على يسارها فتوجد أيقونة للسيدة مريم العذراء، وبحسب الروايات المتداولة فقد كانت هذه الأيقونة في إحدى كنائس لبنان، التي تعرضت لحريق ضخم أتى عليها فدفنت تحت التراب قبل أن يتم نقلها إلى كنيسة مريم المجدلية في القدس عام 1930.
من مريم المجدلية؟
ولدت مريم المجدلية في بلدة مجدل الواقعة غرب بحر الجليل عند المدخل الجنوبي لسهل جنيسارت، لذلك لقبت بالمجدلية.
تقول الروايات المسيحية إنها تنحدر من عائلة غنية وذات نفوذ، وعاشت حياة ترف ورفاهية، ولم يكن ينغص حياتها سوى الشياطين السبعة التي سكنتها، وكانت تتحكم في عقلها وتصرفاتها.
وتضيف الروايات أن هذه الشابة وجدت الشفاء على يد المسيح، الذي خلّصها من الشياطين، فصارت امرأة هادئة متزنة قادرة على التحكم في ذاتها وعقلها، ومنذ خلاصها أصبحت واحدة من أتباعه المخلصين وإحدى خادماته، بل إنها كرست ثروتها لخدمته.
وتقول الروايات المسيحية إن مريم المجدلية حضرت مختلف مراحل محاكمة المسيح، وكانت تجلس تحت قدميه خلال صلبه، وساعدت في إنزال جسده المصلوب والمجروح من على الصليب وإعداده للدفن وفق الطقوس المسيحية، وظلت تزور قبره باستمرار باكية حزينة، فكافأ المسيح محبتها بأن كانت أول شخص يتجلى له بعد أن “قام من الموت”.
يصفها القديس توما الأكويني بـ”رسولة الرسل”، وجاء في الإصحاح الـ16 من إنجيل مرقس أنها أول من رأى المسيح بعد قيامته، وجاء فيه “قامَ يسوعُ فَجْرَ الأَحد، فتَراءَى أَوَّلًا لِمَرْيَمَ المِجْدَلِيَّة، تلكَ الَّتي طَرَدَ مِنها سَبعَةَ شَياطين”.
تورد بعض الروايات أن القديسة مريم المجدلية تبعت القديس يوحنا بن زبدي المعروف أيضا بيوحنا الحبيب (أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر) في رحلته التبشيرية إلى أفسس الواقعة في آسيا الوسطى، وتوفيت ودفنت في أحد الكهوف، بينما تقول روايات أخرى إنها سافرت إلى رومية واشتكت للإمبراطور طيباريوس قيصر، الظلم الذي ألحقه بيلاطس البنطي بالمسيح.
كما وردت رواية تقول إنها سافرت في رحلة تبشيرية انتقلت فيها بين بلاد الغال ومصر وفينيقيا وسوريا وأماكن أخرى، ثم عادت إلى القدس، حيث أمضت بعض الوقت قبل أن تنتقل إلى مدينة أفسس حيث توفيت.
نقل رفاتها إلى القسطنطينية في عام 899 بأمر من الإمبراطور لاون السادس، وفي الثالث من يونيو/حزيران 2016 أقرّ مجمع العبادة والأسرار، بطلب من البابا فرنسيس، عيد القديسة مريم المجدلية عيدا رسميا وكبيرا في الكنيسة الجامعة، وذلك لأنّها “الأولى التي رأت القيامة والأولى التي أعلنت المسيح القائم والشاهدة الأولى للرحمة الإلهيّة”. ويوافق هذا العيد يوم 22 يوليو/تموز.
مطالب روسية
في عام 2022 طالبت الحكومة الروسية إسرائيل باستعادة ملكية كنيسة مريم المجدلية إلى جانب مواقع دينية تاريخية أخرى، مثل كنيسة الصعود وكنيسة أهل الجليل.
وتقول روسيا إنها تمتلك وثائق من العهد العثماني تثبت ملكيتها لهذه الكنيسة وباقي المعابد، وهددت باللجوء إلى القضاء إذا لم يستجَب لطلبها بالطرق الدبلوماسية.
وكانت هذه الكنيسة وغيرها من الممتلكات الدينية الروسية قد شيدت من قبل الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، التي أنشئت عام 1882 بمرسوم من الإمبراطور ألكسندر الثالث.
وكانت هذه الجمعية هي الواسطة لإيصال تبرعات المحسنين والأغنياء الروس إلى فلسطين تحت رعاية القيصر.
وبعد الضعف الذي عانته روسيا القيصرية ودخولها الحرب إلى جانب الحلفاء ضد قوات المحور التي انضمت إليها الإمبراطورية العثمانية، أعلنت هذه الأخيرة العقارات الروسية في فلسطين ممتلكات للعدو واستولت عليها.
وفي فترة الانتداب البريطاني رفض البريطانيون الاعتراف بسلطة الاتحاد السوفياتي على الأملاك الدينية في فلسطين، مما أدى الى إبقاء العديد من الممتلكات الروسية مغلقة.
أما حاليا فتوجد هذه المواقع الدينية الثلاثة (كنيسة الصعود وكنيسة أهل الجليل وكنيسة مريم المجدلية) في وضع “الملكية لأجل غير مسمى”، حسب ما أوضح رئيس مجلس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، إيغور أشوربيلي في تصريحات صحفية.
وتدافع الحكومة الروسية عن كونها المالك الشرعي لهذه الكنائس، بأنّ الاتحاد الروسي تم الاعتراف به من قبل الهيئات الدولية ومن قبل إسرائيل باعتباره “دولة مستمرة” للإمبراطورية الروسية.
#كنيسة #مريم #المجدلية. #سميت #على #تلميذة #المسيح #وتطالب #بها #روسيا #الموسوعة
تمت قراءة هذا المقال بالفعل169 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.