رييل ستوري | الشك في طلوع الفجر وفي غروب الشمس

اعلانات

رييل ستوري | الشك في طلوع الفجر وفي غروب الشمس

الشك في طلوع الفجر وفي غروب الشمس

 


من أكل شاكًّا في طلوع الفجر، فله بعد ذلك ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يبقى على شكه، فلا يدري هل وقع أكله قبل الفجر أم بعده، ففيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: أن صومه صحيح، وهو مذهب الجمهور، واستدلوا بما يأتي:

1- قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، فقال تعالى: ﴿ حتى يتبيَّن ﴾، فوقت الصيام لا يدخل إلا بالتبيُّن.

 

2- ما رواه عبد الرزاق عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: “أحلَّ الله لك الأكل والشرب ما شككت”؛ [صححه الحافظ في الفتح 4/ 135].

 

القول الثاني: وهو مذهب المالكية أن عليه القضاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير: (ومن وقَع في الشبهات فقد وقع في الحرام)؛ [ق]، ولأن الأصل بقاء الصوم في ذمته؛ [المغني 3/ 35].

 

وأُجيب عنه بأن الأكل مع الشك في الفجر ليس من المتشابه؛ لأن الله أباح الأكل والشرب حتى التبيُّن، والأصل بقاء الليل.

 

الحال الثانية: أن يتبيَّن عدم طلوع الفجر، فصومه صحيح بالاتفاق؛ لأنه لم يأكل في وقت الصيام.

 

الحال الثالثة: أن يتبيَّن طلوع الفجر، ففيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: وهو مذهب الجمهور أن عليه القضاء؛ لأنه قد تبيَّن خطؤه.

 

القول الثاني: وهو قول إسحاق بن راهويه وداود، وهو مذهب الظاهرية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أيضًا قول الحسن وعطاء وعروة بن الزبير ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو مذهب بعض الشافعية أنه لا يجب عليه القضاء؛ [المجموع 6/ 326، الفروع 3/ 74، 75].

 

والقول الثاني هو الراجح؛ لأن الأكل مع الشك مأذونٌ فيه، وما ترتَّب على المأذون، فهو غير مضمون، ولأنه جاهل بالوقت، فهو معذورٌ، وسيأتي الكلام على اشتراط العلم للفطر بالمفطرات.

 

إن غلب على ظنه أن الفجر قد طلع، فإن أكلَ فصومه صحيح؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، وضد التبين هو الشك والظن، فما لم يحصل يقينٌ بطلوع الفجر فلا عبرة بالشك أو الظن، وخالف المالكية في ذلك فحرَّموا الأكل والشرب مع غلبة الظن طلوع الفجر، وهو مِن باب أَولى بناءً على مذهبهم فيمَن أكل شاكًّا في طلوع الفجر؛ [درر الحكام 1/ 204، أنوار البروق 4/ 156، رد المحتار 2/ 406].

 

من أكل شاكًّا في غروب الشمس، فله بعد ذلك ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يبقى على شكه، فيلزمه القضاءُ، مع الإثم باتفاق الأئمة، وقد نقل في الفروع الإجماع على ذلك؛ [الفروع 3/ 73].

 

الحال الثانية: أن يتبيَّن له أن الشمس لم تغرُب بعدُ، فيلزمه القضاء، مع الإثم باتفاق الأئمة.

 

الحال الثالثة: أن يتبيَّن له أن الشمس قد غرَبت، وأنه قد أكَل بعد الغروب، فصومه صحيح مع الإثم بالاتفاق.

 

والفرق بين هذه المسألة ومسألة من أكل شاكًّا في طلوع الفجر – أن المسألة الأولى الأصل فيها بقاء الليل، بينما هذه المسألة الأصل فيها هو بقاء النهار، فلا يجوز أن يأكل مع الشك في غروب الشمس.

 

يجوز أن يأكل إذا تيقَّن أو غلب على ظنه أن الشمس قد غربت، لا إذا شك في ذلك.

 

من أكل وقد غلب على ظنه غروب الشمس، فله بعد ذلك ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يبقى على غلبة ظنه، ولا يتبيَّن له شيءٌ، فصيامه صحيح عند الجمهور، خلافًا للمالكية.

 

الحال الثانية: أن يتبيَّن أن الشمس قد غربت بالفعل، فصيامه صحيح.

 

الحال الثالثة: أن يتبيَّن أن الشمس لم تغرب، ففيه خلاف بين العلماء:

القول الأول: أن عليه القضاء، وهو مذهب الجمهور، واستدلوا بما ورد أن عمر – رضي الله عنه -: “أفطر وأفطَر الناس معه، فصعد المؤذن ليؤذن، فقال: أيها الناس، هذه الشمس لم تغرب، فقال عمر: من كان أفطر فليَصُم يومًا مكانه”؛ [هق 4/ 217].

 

وأُجيب عنه بأنه قد ورد عن عمر ما يخالفه كما سيأتي في أدلة القول الثاني.

 

القول الثاني: أنه ليس عليه القضاء، وهذا قولُ إسحاق بن راهويه وداود، وهو مذهب الظاهرية، واختيار ابن خزيمة وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مروي أيضًا عن الحسن وعطاء وعروة بن الزبير ومجاهد، وهو وجه عند الشافعية، وصفه النووي بأنه شاذٌّ، واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي:

1- أنه معذورٌ بالجهل، وقد أفطَر بناءً على غلبة الظن لا الشك.

 

2- حديث أسماء – رضي الله عنها – قالت: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم طلعت الشمس)؛ [خ 1959، انظر المجموع 6/ 326، المحلى 4/ 358].

 

ولم تذكر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرهم بالقضاء، ولو أمرهم بالقضاء لنُقل؛ لأنه مما توفر الداعي على نقله لأهميَّته، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه نقل هشام بن عروة أحد رواة الحديث عن أبيه عروة أنهم لم يؤمَروا بالقضاء.

 

3- ما ثبت عن عمر بن الخطاب أنه أفطَر ثم تبيَّن النهار، فعن زيد بن وهب قال: “بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان والسماء متغيِّمة، ورأينا الشمس قد غابت، فشرب عمر، وشربنا، فلم نلبث أن ذهب السحاب، وبدت الشمس، فجعَل بعضنا يقول لبعض: نقضي يومنا هذا، فسمِع بذلك عمر، فقال: والله لا نقضيه، وما تجانَفنا لإثم”؛ [هق 4/ 217].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ورُوي عنه أنه قال: نقضي، ولكن إسناد الأول أثبت، وصح عنه أنه قال: الخطب يسير، فتأول ذلك مَن تأوَّله على أنه أراد خفة أمرِ القضاء، لكن اللفظ لا يدل على ذلك، وفي الجملة فهذا القول أقوى أثرًا ونظرًا، وأشبه بدلالة الكتاب والسنة، والقياس وبه”؛ [مجموع الفتاوى 20/ 573، وينظر: مجموع الفتاوى 25/ 232، صحيح ابن خزيمة 3/ 239].



تمت قراءة هذا المقال بالفعل69 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *