رييل ستوري | بين يدي سورة ق (الجزء الأول) (خطبة)

اعلانات

رييل ستوري | بين يدي سورة ق (الجزء الأول) (خطبة)

بين يدي سورة ق (الجزء الأول)

 

الحمدُ للهِ الذي كانَ بعبادهِ خبيرًا بصيرًا، و﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان:1].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء:44].. والصلاةُ والسلامُ على من بعثهُ اللهُ تباركَ وتعالى هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا منيرًا، صـلوات اللهُ وسلامهُ عليـه، وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبْرارِ الأخيار، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنّهار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا..

 

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، والتزموا سنَّةَ نبيكم تهتدوا، وأخلِصوا للهِ تبارك وتعالى نياتِكم تُفلِحوا، وابتعدوا عن المنكرات تسْلموا، واستبِقوا الخيراتِ تغنموا وتربحوا.. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال:24]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: القرآنُ الكريم: حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، وصراطهُ المستقيم.. ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود:1].. كتابٌ مجيد: لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، ولا تُقلِعُ سحائِبُه، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ.. كلما ازدادت البصائرُ فيه تأمُّلًا وتفكُرا، زادها هدايةً وتبصُرًا، ﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق:8].. كتابٌ عجيب: يخاطبُ القلبَ فيخشع، والنفْسَ فتخضع، والعقلَ فيقتنع، والعينَ فتدمع، ووالله لو أُنزلَ على جبلٍ أصمٍّ، لانهارَ وتضعضع..

 

وبين أيدينا سورةٌ كريمة، ذاتُ دِلالاتٍ عظيمة، سورةٌ جليلةٌ مهيبة، شديدةُ الوقع، قويةُ الجرْس، بليغةُ التأثير..

 

سورةٌ عظيمةٌ، تضمنت أصولَ الإيمان، واشتملت على ابتداء الخلق، واثباتِ البعثِ والنشور، والقيامةِ والحساب، والجنةِ والنار، وذكر الثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.. ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثرُ قراءتها ويخطبُ بها في الجُمَع والأعياد والمجامعِ الكبار، حتى أن كثيرًا من الصحابة حفِظها من كثرة سماعها.. إنها يا عباد الله سورة: (ق).. ففي صحيح مسلم أنَّ أم هشام بنت حارثة قالت: (ما حَفِظْتُ ق، إلَّا مِن في رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْطُبُ بهَا كُلَّ جُمُعَةٍ).. وهذا يَدُلُّ عَلى أنَّها مِن أعْظَمِ السُّوَرِ شأنًا، وأقواها أثرًا.. فهيَّا لنتفيَّأ ظلالَ هذه السورة المباركة، إحياءً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم والتماسًا لهداياتها، وترقيقًا للقلوب بها..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ ق والقُرْآنِ المَجِيدِ * بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوج * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق:1-8]..

 

﴿ ق والقُرْآنِ المَجِيدِ ﴾ [ق:1].. القاف من حروف الشِّدةِ والجهر، ومخرجهُ من أقصى الحلق، وهو موجودٌ في أكثر من ثلاثين كلمةً قويةً من كلمات هذه السورة العجيبة.. مثل لفظة (الحق، تنقص، باسقات، يتقلى المتلقيان، قعيد، رقيب، سائق، قرينه، قرن، تشقق).. وغيرها كثير..

 

وفي مطلع هذه السورة العظيمة يُقسم الله تعالى بالقرآن المجيد، ﴿ ق والقُرْآنِ المَجِيدِ ﴾ [ق:1].. أي: الكتاب الواسعِ المعاني، المتعددِ المقاصد والدِلالات، الكثيرِ الهدايات والبركات، الَّذِي بلغ من الفصاحةِ قمتها، ومن المعاني أعمّها، ومن الهدايات أتمها، ومن المواعظ أبلغها، والذي علا وشرفُ عَلى كُلِّ كَلامٍ سواه.. مما يوجبُ على المسلم حُسنَ الانصاتِ له، والحرصَ على الاهتداء به، وشكرُ اللهِ على إنزاله..

 

وأمّا جوابُ القسم: فهو ما تتضمنه السورة كُلها، من تقرير النبوة، وإثباتِ البعثِ والحساب، وغيرها من الموضوعات الهامة..

 

﴿ بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ ﴾ [ق:2].. ومم يتعجب الكفار؟.. أمن إرسال الرسول؟.. فمن الطبيعي أن يختارَ اللهُ من الناس واحدًا منهم، يتكلمُ بلغتهم، ويفهمُ واقعهم، ويجيدُ التعامُل معهم، فيرسلهُ الله إليهم ليبلّغَهم رسالته، ويعلّمَهم شريعته، ويبشّر المستجيبين، وينذِر المخالفين..

 

أم أنَّ عجبَهم من البعث بعد الموت، ولمَ يعجبون؟ ﴿ أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة:36].. ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُون ﴾ [المؤمنون:115].. كيفَ وأعمالُ الناس متباينة، وسعيهم شتى، فمنهم المحسن ومنهم المسيء، المحسنُ ينتظرُ الثواب، والمسيءُ يستحقُ العقاب، لكنهم لجهلهم بقدرة الله تعالى قالوا: ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾ [ق:3]، وما البعيدُ في الأمر.. فما حدثَ مرةً فتكرارهُ ممكن، بل هو أهون.. ثم إنّ البعثَ والإحياءَ يقعُ أمامهم في كل لحظة، وهذا ما تُذكّرهم به آياتُ السورة المباركة.. وتبينهُ لهم بكل وضوح.. ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظ ﴾ [ق:4].. فالناس إذا ماتوا وتحولوا إلى التراب شيئًا فشيئًا، فإنهم لا يذهبون سُدىً، ولكن الله الذي خلقهم يعلمُ بمآلهم، ويعلم ما تنتقِصهُ الأرضُ منهم، بل ويعلمُ بكلِ شيءٍ من أمورهم.. وهو مُسجلٌ عنده بكل دقةٍ في كتابٍ حفيظ.. وأمَّا ما تستنكرونه من بعثِ الأموات الذين تحولوا ترابًا، فلا فرق بينها وبين عمليات الخلقِ والإِحياءِ الجديدة، التي ترونها تتكررُ أمامكم في كل وقتٍ، وذلك هو الحقُّ الذي لا تريدون قبوله، ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ﴾ [ق:5]، وحالهم حالٌ مضطرب، وهكذا سيكونُ حالُ كُل من يُعانِد الحقّ الراسخ ويتركه، فإنه سيقعُ في الحيرة والاضطراب، والشك والارتياب.. أمّا من اتبع الحقّ فهو واثقُ الخطى، ثابتُ الإيمان، مُستقرُ النفس، راسخٌ كرسوخ الكونِ من حوله.. ﴿ أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوج ﴾ [ق:6]، أَفَلم يلتفتوا إلى هذه السَّمَاء العظيمة فهي فَوْقَهُمْ، فينظروا كَيْفَ بَنَيْنَـٰهَا بناءً شامخًا محكمًا، راسخًا مُستقرًا.. وزينّاها بالنجوم الجميلة المضيئة.. وحفظناها من الخلل والاضطراب، فلا عيب ولا فروج.. ﴿ وَالْأَرْضَ ﴾ مثل ذلك ﴿ مَدَدْنَاهَا ﴾ ووسّعناها؛ ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا ﴾ الجبال ﴿ رَوَاسِيَ ﴾ فهي ثابتةٌ مُستقرة، ﴿ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [ق:7]، يسرُّ الناظرين.. وما فعلنا ذلك إلا ﴿ تَبْصِرَةً ﴾ للمعتبرين، وموعظةً ﴿ وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾، يخضعُ للحقِّ ويستجيب..

 

وهكذا يا عباد الله: فالكون كلهُ هو كتابُ الحقّ المفتوح، كتابٌ متاحٌ للجميع، والكلُ يطالعهُ بقدر إدراكهِ ورغبته، ليأخذَ منه زادهُ من الموعظةِ والذكرى، ويثمرُ في قلبه الخشيةَ والإنابة والتقوى، ويثبتَ على الحق والهدى، ويوقنَ أنَّ الذي بنى السماء ورفعها، وزينها بالنجوم وحرسها، وسلَّمها من العيوب وأتقنها، والذي مدّ الأرضَ وبسطها وأوسعها، وأحياها بالمياه والزروع ونوَّعها، وارساها بالجبال وثبتها.. لهو قادرٌ سبحانه على أن يُحييَ الأجساد يوم القيامة ويبعثها؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [العنكبوت:20].. أما المكذِّبُ والمُعرضُ فما تغني الآيات والنذرُ عن قومٍ لا يؤمنون..

 

ونكملُ بإذن الله ما تيسرَ من تدبر الآياتِ في الخطبة الثانية.. فبارك الله لي ولكم…

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: وتستمر مشاهدُ السورةِ في تأكيد قوة الحق وثباته، وجماله وروعته.. ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكًا ﴾ [ق:9]، أنزلنا برحمتنا مطرًا غزيرَ النفعِ والفائدة، ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ ﴾ كثيرةَ الأشجار، وأخرجنا به أصنافًا متعددةً من الزروع والثمار، ﴿ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ ﴾ الصالحِ للأكل والادخار، وَكذلك انبتنا به ﴿ ٱلنَّخْلَ ﴾ الطوال الـ﴿ بَـٰسِقَـٰتٍ ﴾، التي ﴿ لَّهَا طَلْعٌ ﴾ بهيٌ، وثمرٌ ﴿ نَّضِيدٌ ﴾ شهي، مُتراصٌّ فوقَ بَعضه كالعقد المنضود..

 

كل ذلك ﴿ رِزْقًًا ﴾ يسوقه الله بفضله ﴿ لِلْعِبَادِ ﴾ وإن لم يشكروه، ﴿ وَأَحْيَيْنَا ﴾ بِهِذا الماء ﴿ بَلْدَةً ﴾ كانت أراضيها ﴿ مَيْتًا ﴾ لا زرعَ فيها ولا حياة.. فلئن كان هذ مألوفًا لديكم؛ وترونه يحدث دائمًا فيما حولكم، فـ(كَذَلِكَ) سيكونُ ﴿ الْخُرُوجُ ﴾ وبعثُ الأجسادِ يوم القيامة.. فلماذا العجبُ وفيمَ الانكار؟.. أم أنَّ هذا هو ديدنُ وطبعُ جميعِ الكفار، على مختلف العصور والأمصارِ، ولذلك فبعدَ عرض تلك الصفحاتِ المبهرةِ من كتاب الكونِ المفتوح، عقَّب بذكر موقف بعض الأمم السابقة من رسلهم، وأنهم كذبوهم فحقَّ عليهم الوعيد، ونزل بهم عذابُ الدنيا قبل عذاب الآخرة.. ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾ [ق:12-14].. نعم فمن كذَّبَ برسوله فقد كذَّبَ بكل الرسل؛ لأنَّ رسالتهم واحدة: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل:36]..

 

ويتكررُ سؤالُ السورة المحوري.. لمَاذا يُنكرُ المشركون البعثَ؟، فهل كان صعبًَا على الله إيجادهم وخلقهم ابتداءً، ﴿ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ﴾ [ق:15]، عِلمًا أنّ المشركين لا يشكون في قُدرةِ الله على الخلق، ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [لقمان:25]، لكنهم في شكٍّ من قدرته تعالى على البعث وإعادة الخلق مرةً أخرى.. ﴿ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [ق:15].. ومرةً أخرى لماذا؟ ﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيم ﴾ [يس:81].. ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [الأحقاف:33].. ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم:27].. كان هذا يا عباد الله: ثلثُ السورة تقريبًا، وما تبقى نؤجلهُ لخطبٍ أخرى..

 

فاتقوا الله عباد الله وتعاهدوا كتاب ربكم، وأكثروا من تلاوته وتدبرهِ والعنايةِ به، فلَا شَيْءَ أَصْلَحُ لأحْوَالِ المسلمِ، ولا أعظمَ لهُ بركةً ونفَعًَا، مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ الكريمِ، ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [ص:29].. جعلني الله وإياكم ومن نحب من أهل القرآن..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..



تمت قراءة هذا المقال بالفعل395 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

يُرجى السماح بعرض الإعلانات على موقعنا الإلكتروني.

يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني.