dark

رييل ستوري | حكم إصدار خطاب الضمان تبرعا من البنك لعميله

حكم إصدار خطاب الضمان تبرعًا من البنك لعميله

 

أولاً: عرض فكرة البديل، وذكر من قال به:

تقوم فكرة هذا البديل على أساس أن يُصدر المصرف خطاب الضمان غير المغطى لعميله، دون أن يأخذ مقابلاً على ذلك.

 

قد أشار إلى هذا البديل الدكتور الصديق الضرير،[1] وفضّلته الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي على غيره،[2] في خصوص خطابات الضمان الصادرة للمعاهد العلمية، والوزارات.

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

الأصل أن الضمان في الشريعة من عقود التبرعات، لكن لما كانت إدارة المصرف تضارب بمال الغير، دخلت هذه المسألة في حكم تبرع المضارب من مال المضاربة، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة:

مسألة: حكم تبرع المضارب من مال المضاربة:

محل الخـلاف:

إذا أذن رب المال للمضارب بالتبرع جاز له ذلك في حدود الإذن،[3] واختلف أهل العلم إذا أطلق له التصرف، ولم يأذن له بالتبرع نصّاً على قولين:

القول الأول: منع المضارب من التبرع بمال المضاربة، ولو كان يسيرًا.

وهو مذهب الشافعية،[4] والمذهب عند الحنابلة. [5]

 

قال في أسنى المطالب: “ليس للعامل التصدق من مال القراض؛ ولو بكسرة”. [6]

 

وفي الإنصاف: “ولا يقرض، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب”. [7]

 

واستدلوا: أن عقد المضاربة – المتضمن للإذن بالتصرف – لا يتناول التبرعات. [8]

 

ويناقش: بأن الإذن قد يحصل بغير دلالة لفظ العقد؛ كدلالة العرف، ومصلحة العمل.

 

القول الثاني: جواز أن يتبرع المضارب بمال المضاربة إذا كان تبرعه يسيرًا، أو فيه مصلحة للمضاربة.

وهو مذهب الحنفية،[9] والمالكية،[10] ورواية للحنابلة.[11]

 

ففي الاختيار لتعليل المختار: “ولا يكاتب، ولا يعتق، ولا يقرض، ولا يهب، ولا يتصدق، ولا يتكفل، ويهدي القليل من الطعام، ويضيف معامليه… لأنه من صنيع التجار، وفيه استمالة قلوب المعاملين”.[12]

 

وفي شرح الخرشي: “وله أن يتبرع إن استألف به، أو خفّ… بشرط أن يفعل ذلك استئلافًا للشركة؛ ليرغب الناس في الشراء منه، وكذلك يجوز له أن يتبرع بشيء خفيف من مال الشركة، ولو كان بغير استئلاف؛ كإعارة آلة؛ كماعون، ودفع كسرة لسائل، أو شربة ماء، أو غلام لسقي دابّة، والكثرة والقلة بالنسبة لمال الشركة”.[13]

 

وفي شرح منتهى الإرادات: “ولا أن يهب من مال الشركة إلا بإذن، ونقل حنبل: يتبرع ببعض الثمن لمصلحة، أو يقرض منه”. [14]

 

واستدلوا: بأن التبرع اليسير مأذون به عرفًا، وبأن المضارب مأذون له بالتصرف في كل ما هو من مصلحة المضاربة.[15]

 

ونوقش: أن الإذن الذي تضمنه العقد إنما هو إذن بما هو من أعمال التجارة، والتبرع ليس منها.[16]

 

القول المخـتار:

هو القول الثاني؛ لأن المضارب شريك ووكيل في نفس الوقت،[17] والوكيل يتحدد تصرفه بدلالة لفظ العقد، مع مراعاة قرائن الأحوال، وعرف الخطاب، ودلالة العرف الجاري بين التجار، وما تتحقق به مصلحة طرفي العقد.

 

وبما أن إدارة المصرف تضمن في خطابات الضمان مبالغ ليست باليسيرة، فإن تبرعها مرهونٌ بحصول المصلحة للمساهمين والمستثمرين، ويتّجه ذلك في اتجاهين:

الأول: تحقيق المقصد الذي قامت لأجله المصارف؛ من تقديم الخدمات المصرفية للمسلمين، وتجنيبهم الوقوع في الإثم والربا، وخدمة عملاء المصرف المودعين فيه، وردّ إحسانهم بالإحسان؛ لمصلحة تشجيعهم، وغيرهم على إجراء تعاملاتهم المالية من خلال المصرف.

 

والثاني:أن تصدر هذه الخطابات للعملاء الذين تثق إدارة المصرف في أنهم سيوفون بالتزاماتهم، ممن توفرت فيهم الضمانات الكفيلة بذلك؛ كقوة مراكزهم المالية، وملاءتهم، وسيرتهم الحسنة.


[1] ينظر: خطابات الضمان في الشريعة، ص (19).

[2] المنعقدة في الكويت، في الفترة 7-11/ 7/ 1407هـ، ينظر: أعمال الندوة الفقهية الأولى، في نهاية الكتاب، بدون ترقيم.

[3] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 72)، شرح مختصر خليل، للخرشي، (6/ 43)، روضة الطالبين، للنووي، (5/ 129)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211).

[4] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (5/ 135)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/ 387)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 412).

[5] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 16)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 414)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211).

[8] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 412).

[9] ينظر: الاختيار، للموصلي، (2/ 110) الفتاوى الهندية، (2/ 312)، ويراجع: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 72)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 323-324).

[10] ينظر: الشرح الكبير، للدردير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 352)، شرح الخرشي، (6/ 43)، بلغة السالك، للصاوي، (3/ 464).

[11] ينظر: الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 291)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211)، مطالب أولي النهى، للرحيباني، (3/ 505-506).

[15] ينظر: الفتاوى الهندية، (2/ 312).

[16] ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 323-324)، المغني، لابن قدامة، (5/ 16).

[17] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 15)، المغني، لابن قدامة، (5/ 69).

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح

Next Post

رييل ستوري | خطبة: التوازن في التربية

Related Posts