خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فأوصيكم – أيها المؤمنون – ونفسي بتقوى الله؛ فهي العصمة من البلايا، والمنعة من الرزايا، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، أما بعد:
إن دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والاطلاع على أخباره، ومعرفة صفاته الخَلقية والخُلُقية ودلائل نبوته، وكل ما يتعلق بحياته، من الولادة وحتى الوفاة، هي السيرة التي نريد أن يتمثلها شبابنا وفتياتنا.
وليس الغرض- يا عباد الله – من دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الوقوف على نوادر القصص وأجملها، والاستمتاع بمواقفها وأحداثها؛ وإنما الغرض منها أن يتمثل الشباب والفتيات حياة النبي صلى الله عليه وسلم في كافة جوانبها السلوكية والاجتماعية والشرعية، وأن يكون لهم قدوة حسنة، كما قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
يقول راشد: كلما قرأت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تمنيت أن يكون ابني محمد مقتديًا به، يتأثر بعباداته وتعامُلاته وأخلاقه، كم أتألم عندما أرى ابني يتخَلَّف عن الصلاة! وعندما أرى لسانه سليطًا عليَّ وعلى والدته وأخواته! ففي كل صلاة أدعو الله أن يصلح ابني، وأن يجعله يسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم.
والسؤال هنا- يا عباد الله -: لماذا نحرص على دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبنائنا وبناتنا؟ والجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية وطئت الأرض، وهو خير المرسلين وخاتم النبيين، وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بحبِّه والاقتداء به كما قال: “فوالذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده”؛ رواه البخاري.
إن السيرة النبوية تعلم شبابنا هديه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الناس، وفي طريقة دعوته والصبر على قومه، وتعلمهم هديه في عبادته وأخلاقه، وفي أكله وشرابه، وعند إقامته وسفره، وفي نومه وطهارته.
أيها المسلمون، إن الشباب بطبيعته يبحث دائمًا عن الشخصية المؤثرة في حياته كي يقتدي بها، فإذا استطعنا أن نبرز شخصية نبينا صلى الله عليه وسلم بجميع جوانبها بأسلوب سهل ومؤثر في عقول شبابنا، استطعنا بإذن الله أن نغرس حب النبي وسيرته في قلوبهم.
وحتى نغرس حب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب شبابنا وفتياتنا علينا التالي:
• أن نكون قدوةً حسنةً لهم، فكلما كان الوالدان يتمثلون حياة النبي صلى الله عليه وسلم في تعاملاتهما وأقوالهما وعباداتهما وأخلاقهما، كان تأثير ذلك جليًّا في حياة الشباب والفتيات.
ومنها: تخصيص وقت معين كل يوم أو أسبوع لمدارسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
يا عباد الله، ومن الأمور التي تساعد على غرس حب السيرة النبوية: اقتناص الفرص والمواقف الطارئة التي تحدث يوميًّا أمام الأولاد، ثم ذكر ما يناسبها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلاص الفوائد منها.
ومنها: حضور الدروس الشرعية في المساجد معهم، وخاصة الدروس التي تتحدَّث وتتناول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: عمل المسابقات الورقية والإلكترونية والمرئية في مجال السيرة النبوية، وتخصيص جوائز للفائزين عليها.
يا عباد الله، إن زيارة الأماكن التاريخية التي وطئتها قدما النبي صلى الله عليه وسلم سواء في مكة أو المدينة أو غيرها، ثم تذكر العبر والمواقف التي حصلت فيها، من الأمور التي تساعد على غرس حب السيرة النبوية في حياة شبابنا.
ومنها: تبادل المقاطع القصيرة في جروب العائلة التي تتحدث بأسلوب سهل عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم السؤال عنها، وأهم الفوائد فيها.
ومنها: مشاهدة المسلسلات التاريخية والموثوقة شرعيًّا وتاريخيًّا مع أفراد العائلة ومناقشة العبر والفوائد منها.
نفعني الله وإياكم بهدي نبيه وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.
قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].
يا عباد الله، ومن الأمور التي تساعد على غرس حب السيرة النبوية: عمل مكتبة مصغَّرة في البيت، مع توفير الكتيبات والقصص والمجلات الموثوقة التي تعنى بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: الاستفادة من التطبيقات الإلكترونية وتحميلها على أجهزة الأولاد، والحوار معهم عن أهم القصص والعبر فيها.
يا عباد الله، إن التطبيق العملي لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم من بر الوالدين، وزيارة الأقارب والصدقة والصيام والعمل التطوعي، والتحلي بالآداب القولية والعملية، مثل آداب الطعام والنوم والخلاء والمجلس والمسجد ولبس الثياب وغيرها، من الأمور التي تساعد على غرس حب السيرة النبوية في حياة الشباب.
هذا وصلوا وسلموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا ووالدينا عذاب القبر والنار.
عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل5599 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق