من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى
(الحسيب، الكافي، الوكيل)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمن أسماء الله الحسنى: الحسيب، الكافي، الوكيل، وللسلف رحمهم الله أقوال في معاني هذه الأسماء، وبعض الفوائد المتعلقة بها، جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
الحسيب:
قال السدي وسعيد بن جبير رحمهما الله: حسيبًا: شهيدًا.
قال الإمام البغوي رحمه الله: محاسبًا ومجازيًا وشاهدًا…والحسب معناه: العدل، قال ابن عباس رضي الله عنهما: عالمين حافظين؛ لأن من حسب شيئًا علمه وحفظه.
ومن…يتق الله فيما نابه كفاه ما أهمه.
قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: من أسمائه عز وجل: الحسيب قال الله عز وجل: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، والحساب يقع على الخير والشر بمثاقيل الذر، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
فانظر ما مثقال الذرة وأنت محاسب عليها فيما تأخذه وتعطيه مأخوذ منك ومحسوب لك، تعطاه من غيرك، وغيرك يعطاه منك، فليكن بحسب هذا إشفاقك وخوفك، وليحذر أهل الغفلة عن النظر في مثاقيل الذرة وفقنا الله لما يرضى من القول والعمل.
قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى: “الحسيب”، هو الكافي.
قال العلامة ابن القيم رحمة الله:
وهو الحسيب حماية وكفاية
والحسبُ كافي العبد كل أوان
|
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: حسيبًا: محاسبًا وشاهدًا ورقيبًا.
الإمام الشوكاني رحمه الله: حسيبًا: أي حاسبًا لأعمالكم شاهدًا عليكم في كل شيء تعملونه.
قال العلامة السعدي رحمه الله: “الحسيب” هو الكافي للعباد جميع ما أهمَّهم من أمر دينهم ودنياهم، من حصول المنافع، ودفع المضار. والحسيب بالمعنى الأخص هو الكافي لعبده المتقي المتوكل عليه كفاية خاصة، يصلح بها دينه ودنياه.
والحسيب أيضًا هو الذي يحفظ أعمال عباده من خيرٍ وشرٍّ ويحاسبهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]؛ أي: كافيك وكافي أتباعك، فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به من متابعة أمر الرسول ظاهرًا وباطنًا، وقيامة بعبودية الله تعالى.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: هو الكافي الذي يحمي عبده، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6]، وإذا كان هو الحسيب فإلى أي أحد يرجع الإنسان عند مهماته وملمَّاته؟ الجواب: إلى الله عز وجل؛ ولهذا قال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، والحسيب من أوصافه، فإنه تعالى حَسْبُ كل من توكل عليه.
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: من أسمائه الحسيب، بمعنى: أنه حسبُ عباده يعني: يكفيهم جميع ما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم، فالحسب هو الكفاية، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ ﴾ [الأنفال: 64]؛ أي: كافيك الله ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 129]؛ أي: كافيني.
الكافي:
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: من يتق الله في أموره، ويُفوضها إليه فهو كافيه.
قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: ومن أسمائه: الكافي، وهو الذي يكفي عباده المهم، ويدفع عنهم المُلمَّ.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يكفي من عبده وتوكَّل عليه.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: قال الجرجاني: إن الله كافٍ عبده المؤمن وعبده الكافر، هذا بالثواب، وهذا بالعقاب.
قال العلامة السعدي رحمه الله: هو الكافي عباده كُلَّ ما إليه يحتاجون، الدافع عنهم كل ما يكرهون، فكفايته عامة وخاصة. أما العامة فقد كفى تعالى جميع المخلوقات، وقام بإيجادها ورزقها وإمدادها وإعدادها لكل ما خلقت له، وهيأ للعباد من جميع الأسباب ما يغنيهم ويقويهم ويطعمهم ويسقيهم.
وأما كفايته وحسبه الخاص فهو كفايته للمتوكلين، وقيامه بإصلاح أحوال عباده المتقين، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه كلَّ أموره الدينية والدنيوية، وقال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36]؛ أي: من قام بعبوديته الظاهرة والباطنة كفاه الله ما أهَمَّه، وقام الله بمصالحه، ويسَّر له أموره.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: كل من كان عبدًا لله تعالى حقًّا فإن الله تعالى كافيه…مثل قوله تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137]، فكل من انطبقت عليه العبودية حقًّا فالله تعالى كافيه ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36]، والجواب على هذه الجملة أن يُقال: بلى.
قال الشيخ عبدالرزاق البدر: القائم بأمور الخلائق المتكفِّل بأقواتهم وأرزاقهم.
الوكيل:
قال الإمام ابن منده رحمه الله: ومن أسماء الله عز وجل: الوكيل، ومعنى الوكيل: الحفيظ، وقيل: الشهيد.
قال الإمام البغوي رحمه الله: الوكيل؛ أي: الموكول إليه الأمور.
قال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله: ومن أسمائه عز وجل: الوكيل، قال الفراء: الوكيل: الكافي، وقيل: الكفيل بأرزاق العباد والقائم عليهم بمصالحهم، وقال أبو إسحاق: الوكيل هو الذي توكَّل بالقيام بجميع ما خلق. ومعنى قوله: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]؛ أي: نعم الكفيل بأمورنا والقائم بها.
قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: في أسماء الله تعالى: “الوكيل”، هو القيم الكفيل بأرزاق العباد، وحقيقته أنه يستقل بأمر الموكول إليه.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله: الوكيل هو من توكل إليه الأمور…أو الكافي، أو الكافل.
قال العلامة السعدي رحمه الله: المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: “الوكيل” من أسماء الله تعالى، ومعناه المتكفِّل بشؤون عباده.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل139 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق