من أقوال السلف في حقيقة التوحيد وأنواعه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد خلق الله سبحانه وتعالى العباد من أجل عبادته؛ قال الله جل وعلا: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، والعبادة هي التوحيد، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كلُّ ما ورد في القرآن من العبادة فمعناه التوحيد.
للسلف رحمهم الله أقوال كثيرة في حقيقة التوحيد وأنواعه، اخترت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
حقيقة التوحيد:
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله: نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: أن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره.
قال الإمام إسماعيل الأصبهاني رحمه الله: التوحيد على وزن التفعيل، وهو مصدر وحَّدته توحيدًا، كما تقول: كلَّمته تكليمًا… ومعنى وحَّدته: جعلته منفردًا عما يشاركه أو يشبهه في ذاته وصفاته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حقيقة التوحيد…ألا يشركه شيء من الأشياء فيما هو من خصائصه.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: التوحيد الذي حقيقته إثبات صفات الكمال وتنزيهه عن أضدادها، وعبادته وحده لا شريك له.
قال الإمام السفاريني رحمه الله:إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتًا وصفاتًا وأفعالًا.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة الله، وعظمته، ومحبته، وخشيته، ومهابته، والتوكل عليه، وتمتلئُ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى “لا إله إلا الله” فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألههُ، وتعرفُه، وتحبُّه، وتخشاهُ، هو الله وحده لا شريك له.
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: اعلم أن التوحيد هو: إفراد الله سبحانه بالعبادة.
قال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: سمَّى دين الإسلام توحيدًا؛ لأن مبناه على أن الله واحد في ملكه وأفعاله لا شريك له، وواحد في ذاته وصفاته لا نظير له، وواحد في إلهيته وعبادته لا ندَّ له.
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: وحَّد التوحيد الجامع لأنواعه هو اعتقاد العبد وإيمانه بتفرُّد الرب بصفات الكمال، وإفراده بأنواع العبادة.
قال العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله: التوحيد…يطلق شرعًا على تفرُّد الله بالربوبية والألوهية، وكمال الأسماء والصفات.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: التوحيد…في الشرع: إفراد الله تعالى بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
أنواع التوحيد:
قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: اعلم أن التوحيد الذي دل عليه القرآن والسنة وأجمع عليه سلف الأمة ثلاثة أقسام:
1- توحيد الربوبية
2- توحيد الألوهية.
3- توحيد الأسماء والصفات.
قال العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله: أنواع التوحيد ثلاثة:
1) توحيد الربوبية.
2) توحيد الأسماء والصفات، ويقال له أيضًا: توحيد الخبر، وتوحيد المعرفة والإثبات.
3) توحيد العبادة ويُسمَّى أيضًا توحيد الإلهية وتوحيد الإرادة والقصد وتوحيد الطلب.
آية جمعت أنواع التوحيد الثلاثة:
قال العلامة العثيمين: ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وقد اجتمعت في قوله تعالى: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65].
توحيد الألوهية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: التوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: توحيد الألوهية وهو: إفراد الله تعالى بالعبادة بألَّا يتخذ الإنسان مع الله أحدًا يعبده كما يعبد الله، أو يتقرب إليه كما يتقرب إلى الله تعالى.
قال الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم رحمه الله: المقصود بتوحيد الألوهية: هو إفراد الله بالعبادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].
قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: توحيد الألوهية هو إخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، فلا يُعبد إلا الله وحده، ولا يدعى إلا هو، دون غيره من الملائكة والنبيين والأولياء والصالحين وغيرهم، ولا يُلتجأ لكشف الضر إلا إليه، ولا لجلب الخير إلا إليه، ولا ينذر إلا له، ولا يذبح إلا له، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف إلا منه سبحانه، ولا يستعان ولا يستغاث إلا به وحده، إلى غير ذلك من أنواع العبادة؛ كالرغبة والرهبة والإنابة إلى الله، والخشوع له.
توحيد الربوبية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فتوحيد الربوبية أنه لا خالق إلا الله، فلا يستقل شيء سواه بإحداث أمر من الأمور، بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: توحيد الربوبية وهو: إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير.
قال العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله: توحيد الربوبية: توحيد الله تعالى بأفعاله، والإقرار بأنه خالق كل شيء ومليكه، وإليه يرجع الأمر كله في التصريف والتدبير.
قال الشيخ محمد جميل زينو رحمه الله: إفراده بأفعاله؛ كالخلق والتدبير وغيرهما.
قال الشيخ صالح عبدالرحمن الأطرم رحمه الله: توحيد الربوبية الاعتقاد والاعتراف والإقرار الجازم بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الكائنات.
توحيد الأسماء والصفات:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه رسله نفيًا وإثباتًا، فيُثبتُ لله ما أثبتهُ لنفسه، وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته. هذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأول: تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم؛ كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].
الثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق بكماله وجلاله؛ كما قال بعد قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: توحيد الأسماء والصفات وهو: إفراد الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته الواردة في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته، ونفي ما نفاه من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
قال العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله: توحيد الأسماء والصفات: فهو أن يُسمَّى الله ويُوصَف بما سمَّى ووصف به نفسه، أو سمَّاه ووصفه به رسولُه صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف، ولا تأويل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
تلازم أنواع التوحيد الثلاثة:
قال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: وإلى هذه الأنواع الثلاثة ينقسم توحيد الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا به من عند الله، وهي متلازمة، كل نوع منها لا ينفك عن الآخر، فمن أتى بنوع منها ولم يأتِ بالآخر، فما ذاك إلا أنه لم يأتِ به على وجه الكمال المطلوب.
وقال: توحيد الربوبية…هذا التوحيد لا يكفي العبد في حصول الإسلام، بل لا بد أن يأتي مع ذلك بلازمه من توحيد الإلهية؛ لأن الله تعالى حكى عن المشركين أنهم مُقِرُّون بهذا التوحيد لله وحده…وقال: توحيد الأسماء والصفات…وهذا أيضًا لا يكفي في حصول الإسلام، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه، من توحيد الربوبية والإلهية.
أهمية توحيد الألوهية:
قال العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: توحيد الربوبية…هذا التوحيد قد أقرَّ به مشركو الأمم، وأقرَّ به أهل الجاهلية، فلم يدخلهم في الإسلام؛ لأنهم جحدوا ما دلت عليه هذه الكلمة من توحيد الإلهية، وهو إخلاص العبادة، ونفي الشرك والبراءة منه.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: توحيد الألوهية…دين الرسل كلهم، فكلهم أرسلوا بهذا الأصل الذي هو التوحيد؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، ومن أخلَّ بهذا التوحيد فهو مشرك كافر، وإن أقرَّ بتوحيد الربوبية، والأسماء والصفات.
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: توحيد الألوهية…هو إفراد الله تعالى بالعبادة، وهو حق الله على العبيد، ويُسمَّى التوحيد العلمي، القصدي، الطلبي، الإرادي؛ لأنه عمل يتقرَّب به العبد إلى ربِّه، وهو مقصود من العباد، طلبه الله منهم وأراده، وخلقهم له، وفرضه عليهم، وهو الحكمة في خلق الجن والإنس.
قال الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله: توحيد الألوهية- العبادة- جزء هام من عقيدة المؤمن؛ إذ هو ثمرة توحيد الربوبية، والأسماء والصفات، وجناهُ الطيّبُ، وبدونه يفقد توحيد الربوبية والأسماء والصفات معناه، وتنعدم فائدته.
تساهل الكثير من العباد في توحيد الألوهية:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: توحيد الألوهية هو الذي دعت إليه الرسل، وأُنزلت به الكتب، وجُرِّدت لأجله سيوف القتال، ووقعت فيه الخصومة بين الرسل وأممها، ومع هذه الأهمية قد وقع فيه الخلل والنقص، وقد تهاون فيه الكثير من الجماهير مع ادِّعائهم التوحيد، والكثير تجاهلوا بعض ما ينقصه، وتساهلوا في بعض الشركيات.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل156 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.