تنوُّع الشخصيات في ضوء القرآن الكريم
1. مقدمة: القرآن الكريم المنبع الأصيل لفهم النفس البشرية:
لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم هدايةً للبشرية وتبيانًا لكل شيء، فهو الكتاب المهيمن على كل الكتب والعلوم، كما قال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]، ومن أعظم ما بيَّنه القرآن الكريم أسرار النفس البشرية وطبائعها المختلفة، وأنماط الشخصيات المتنوعة.
يقول الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]، هذا الاختلاف الذي أشار إليه القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنًا لا يقتصر على الألسنة والألوان فحسب، بل يمتد ليشمل الطباع والسلوكيات والأنماط الشخصية التي تتفاوت بين الناس تفاوتًا عظيمًا؛ لتكون سببًا في إثراء الحياة البشرية وتكاملها.
في هذا المقال، سنبين كيف أن القرآن الكريم هو المرجع الأول والأصيل لفهم النفس البشرية وأنماطها المختلفة، وكيف أن النظريات النفسية الحديثة – بما فيها ما قدمه توماس إريكسون في كتابه “محاط بالحمقى” – ما هي إلا محاولات بشرية لاكتشاف ما أشار إليه القرآن الكريم بوضوح وشمولية. كيف يمكننا أن نستلهم من هدايات القرآن الكريم فنون التعامل مع مختلف أنماط الشخصيات؟ وكيف يمكن أن نطور قدراتنا على التواصل الفعال دون الدخول في صراعات لا طائل منها، مسترشدين بالهدي القرآني القويم؟
2. كتاب “محاط بالحمقى“: نظرة عامة:
يطرح توماس إريكسون في كتابه “محاط بالحمقى” تساؤلًا محوريًّا: كيف تتحدث مع أي شخص دون الدخول في صراع؟ ويبدأ بسيناريو مألوف لنا جميعًا: تخيل أنك تجلس مع مجموعة من الأشخاص وتحاول إيصال فكرة بسيطة، لكن المفاجأة أن كل شخص يستجيب بطريقة مختلفة تمامًا عن الآخر.
أحدهم يقاطعك بسرعة ليعطي رأيه، والآخر يبتسم لكنه لا يرد، بينما شخص ثالث يبدو متحفظًا ويتحقق من التفاصيل قبل أن يعلق. في تلك اللحظة، قد تشعر أنك “محاط بالحمقى”!
لكن الحقيقة التي يكشفها إريكسون هي أن هؤلاء الأشخاص ليسوا حمقى بالفعل، بل هم ببساطة يفكرون ويتواصلون بطرق مختلفة عن طريقتك. يعتمد الكتاب على تصنيف الشخصيات إلى أربعة أنماط رئيسية، ويقدم إستراتيجيات عملية للتواصل الفعال مع كل نمط.
3. أنماط الشخصيات الأربعة: تأصيل قرآني وامتداد تاريخي:
3.1 الهيمنة القرآنية على علم الشخصيات:
إن القرآن الكريم هو المصدر الأول والأساس الذي أشار إلى تنوع طبائع البشر وأنماطهم، فقد سبق القرآن الكريم كل النظريات البشرية في الإشارة إلى هذا التنوع بآيات محكمات، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ﴾ [الإسراء: 84]، فالشاكلة هي الطبيعة والطريقة التي جُبِل عليها الإنسان.
وقد أشار القرآن الكريم إلى أن اختلاف الناس في طبائعهم وميولهم هو من حكمة الله وإرادته: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118-119].
ما يذكره المؤرخون من أن الطبيب اليوناني أبقراط قبل أكثر من 2000 عام قام بتصنيف الطباع البشرية إلى أربعة أنماط لا يعدو كونه محاولة بشرية مستمدة من الفطرة التي أودعها الله في خلقه، وتأثرًا بما تناقلته الحضارات من بقايا الوحي الإلهي.
وقد استلهم علماء المسلمين كابن سينا والرازي من هدي القرآن الكريم في فهمهم للطباع البشرية، فطوروا نظريات متقدمة في الطب النفسي مستندين إلى الوحي قبل كل شيء؛ [الطب النفسي بين القرآن والسنة – د. محمد توفيق علوان].
3.2 الأنماط الأربعة في كتاب “محاط بالحمقى”:
يقسم إريكسون الشخصيات إلى أربعة ألوان رئيسية:
• الأحمر (الناري – Choleric): قيادي، حاسم، ومباشر. يُفضل القرارات السريعة ولا يتحمل المماطلة. يتميز بالحزم والجرأة والمبادرة والثقة العالية بالنفس، لكنه قد يبدو متسلطًا.
• الأصفر (المتفائل – Sanguine): اجتماعي، مبدع، وكثير الكلام. يعشق الأجواء المرحة ولا يحب القيود. يتميز بالتفاؤل والحماس والعفوية، لكنه قد يفتقر إلى التنظيم والالتزام.
• الأخضر (الهادئ – Phlegmatic): مسالم، مستمع جيد، ويحب الاستقرار. يتجنب المواجهات ويهتم بالعلاقات أكثر من الإنجازات. يتميز بالهدوء والصبر والوفاء، لكنه قد يبدو مترددًا.
• الأزرق (المحلل – Melancholic): منطقي، دقيق، وبطيء في اتخاذ القرارات؛ لأنه يحب تحليل كل شيء بالتفصيل. يتميز بالنظام والدقة والتفكير العميق، لكنه قد يبالغ في النقد.
3.3 هيمنة القرآن الكريم على علم الشخصيات:
يتجلى إعجاز القرآن الكريم وهيمنته على سائر العلوم في أنه قدَّم منظومة متكاملة لفهم النفس البشرية وأنماطها المختلفة قبل أن تتبلور النظريات النفسية الحديثة بقرون طويلة، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ [الليل: 4]، وقال تعالى: ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 22]، وقال تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7-8].
إن القرآن الكريم لا يُعد مجرد مصدر من مصادر فهم الشخصيات البشرية، بل هو المصدر الأصيل والمهيمن على ما سواه، والنظريات الغربية الحديثة – بما فيها تلك التي قدمها إريكسون – ما هي إلا محاولات بشرية قاصرة لفهم ما أشار إليه القرآن الكريم بوضوح وشمولية.
ومن تأمل القصص القرآني، يلحظ أن القرآن الكريم قد عرض نماذج متنوعة من الشخصيات البشرية، ووصف سلوكياتها بدقة متناهية وإعجاز بالغ يفوق كل ما توصلت إليه النظريات النفسية الحديثة، فقد ذكر الله تعالى شخصيات ذات طابع قيادي حاسم؛ كسيدنا موسى عليه السلام الذي واجه فرعون بثبات وحزم، وشخصيات ذات طابع اجتماعي؛ كسيدنا سليمان عليه السلام الذي كان يتواصل مع مختلف المخلوقات، وشخصيات هادئة صبورة؛ كسيدنا أيوب عليه السلام، وشخصيات تميل للتفكير والتأمل؛ كسيدنا إدريس عليه السلام.
لقد أشار القرآن الكريم إلى أن هذا التنوع مقصود لحكمة إلهية: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118-119].
4. سوء الفهم بين الشخصيات: تشخيص قرآني:
4.1 أسباب سوء الفهم من منظور نفسي:
يوضح كتاب “محاط بالحمقى” أن سوء الفهم بين الناس ينشأ من اختلاف أنماط تفكيرهم وتواصلهم. فعندما يتفاعل شخصان من نمطين مختلفين دون وعي بطبيعة اختلافهما، تحدث التصادمات وسوء الفهم؛ فمثلاً:
• الأحمر قد يبدو متسلطًا، لكنه في الواقع يحب الحسم واتخاذ القرارات بسرعة.
• الأصفر قد يُنظر إليه على أنه كثير الكلام، لكنه فقط يستمتع بالمشاركة والتفاعل مع الآخرين.
• الأخضر قد يظنه البعض غامضًا؛ لأنه لا يعبِّر كثيرًا عن مشاعره، لكنه فقط يفضل الاستماع بدلًا من الحديث.
• الأزرق قد يبدو باردًا وعقلانيًّا، لكنه في الحقيقة شخص يهتم بالتفاصيل ويريد أن يتأكد من صحة كل شيء.
4.2 رؤية قرآنية لأسباب سوء الفهم:
لم يغفل القرآن الكريم عن هذه الظاهرة، بل قدَّم لنا تشخيصًا دقيقًا لأسباب سوء الفهم بين البشر، يقول الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].
ويُشير القرآن إلى عدة أسباب للتصادم بين الشخصيات، منها:
1. العجلة في الحكم على الآخرين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6].
2. عدم الإنصات الجيد: والإنصات مهارة أساسية أشار إليها القرآن في مواضع عديدة، ومنها قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ [الزمر: 18].
3. التركيز على العيوب والنقائص: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11].
4. الإصرار على الرأي دون مراعاة الآخر: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [العنكبوت: 46].
كم هو عميق هذا التشخيص القرآني! إنه يلامس جوهر ما توصلت إليه النظريات النفسية الحديثة من أن جذور الصراعات البشرية غالبًا ما تكون نابعة من عدم فهم الاختلاف وعدم احترامه.
5. فن التواصل مع مختلف الشخصيات: هدايات قرآنية:
5.1 إستراتيجيات التواصل مع كل نمط:
يقدم كتاب “محاط بالحمقى” إستراتيجيات عملية للتواصل مع كل نمط من أنماط الشخصيات الأربعة. فعندما تقدم ملاحظات (Feedback) لكل نمط، يجب مراعاة طبيعته:
• للأحمر: كن مباشرًا، لا تُطِل المقدمة، واذكر الحقائق دون مجاملة زائدة.
• للأصفر: اجعل الحديث ممتعًا ومختصرًا؛ لأن انتباهه قد يتشتت بسهولة.
• للأخضر: قدم النقد بهدوء ولطف؛ لأنه حساس جدًّا تجاه النقد.
• للأزرق: استخدم أسلوبًا تحليليًّا، واشرح التفاصيل؛ لأنه لا يقبل التوجيه دون مبررات واضحة.
5.2 الهدي القرآني في التواصل مع مختلف الشخصيات:
من روائع الإعجاز القرآني أن الله تعالى قد وضع لنا قواعد ذهبية للتواصل مع مختلف أنماط الشخصيات. إن المتأمل في القرآن الكريم يجد منهجًا متكاملًا في فن التعامل والتواصل:
1. مع الشخصيات الحاسمة (النمط الأحمر): يقدم القرآن نموذجًا في قصة موسى عليه السلام مع فرعون؛ حيث أمره الله بالقول اللين: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].
2. مع الشخصيات الاجتماعية (النمط الأصفر): يعلمنا القرآن كيفية استثمار حماسهم وطاقتهم الإيجابية: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].
3. مع الشخصيات الهادئة (النمط الأخضر): يعلمنا القرآن احترام طبيعتهم المسالمة: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].
4. مع الشخصيات التحليلية (النمط الأزرق): يعلمنا القرآن تقدير حبهم للتفكر والتدبر: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82].
6. تطبيقات عملية: المنهج القرآني في تطوير الذات وفهم الآخرين:
6.1 التحلي بسعة الصدر:
يدعونا القرآن الكريم إلى التحلي بسعة الصدر وقبول الاختلاف، يقول الله تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].
ألا ترون معي كيف يجمع هذا النص القرآني البليغ بين لين الجانب (للأخضر)، والمشاورة (للأزرق)، والعفو (للأحمر)، والتفاعل الإيجابي (للأصفر)؟
6.2 تنمية الذكاء العاطفي:
لا شك أن فهم الشخصيات المختلفة يتطلب قدرًا عاليًا من الذكاء العاطفي، وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى تنمية هذا الذكاء من خلال التعرف على انفعالاتنا وضبطها، يقول الله تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 134].
6.3 التفكير الإيجابي في الاختلاف:
ينبغي أن ننظر إلى تنوع الشخصيات باعتباره ثراءً وتكاملًا لا تنافرًا وتصادمًا، يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ﴾ [الحجرات: 13].
فالغاية من الاختلاف هي التعارف والتكامل، لا التناحر والتصادم.
7. خاتمة: هيمنة القرآن وشموليته في فهم النفس البشرية:
إن كتاب “محاط بالحمقى” – على ما فيه من فوائد – يبقى محاولة بشرية محدودة تستمد أصولها من مشكاة القرآن الكريم، الذي يُعدُّ المصدر الأول والأخير لفهم النفس البشرية وطبائعها، فالقرآن الكريم كتاب مهيمن على كل الكتب، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].
ما قدمه إريكسون من تصنيف للشخصيات وطرق التعامل معها لا يعدو كونه إشارات محدودة استقاها – بشكل مباشر أو غير مباشر – من نور القرآن الذي أضاء للبشرية طريق فهم النفس قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا.
إن القرآن الكريم لم يسبق نظريات علم النفس الحديث فحسب، بل هو المؤصِّل والمهيمن عليها. فقد أرشدنا إلى قاعدة ذهبية في التواصل مع مختلف الشخصيات: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].
هذه الآية الكريمة تختصر بإعجاز رباني ما حاولت النظريات النفسية الحديثة تفصيله وشرحه في آلاف الصفحات، فهي تشير إلى:
• التعامل مع الشخصيات التحليلية (الأزرق) بالحكمة التي تخاطب العقل.
• التعامل مع الشخصيات الهادئة (الأخضر) بالموعظة الحسنة التي تراعي المشاعر.
• التعامل مع الشخصيات القيادية والاجتماعية (الأحمر والأصفر) بالجدال بالتي هي أحسن الذي يحترم الآراء المختلفة ويوجهها.
إنها دعوة قرآنية لفهم الآخر والتواصل معه بمراعاة خصوصيته وطبيعة شخصيته بطريقة تتجاوز بكثير ما توصل إليه علماء النفس المعاصرون. فالحكمة في القرآن تقتضي وضع كل أمر في موضعه المناسب، والموعظة الحسنة تراعي مشاعر المتلقي وظروفه، والمجادلة بالتي هي أحسن تحترم عقل الآخر وتخاطبه بما يناسبه.
أخيرًا، لنتذكر دائمًا أن الله تعالى خلقنا مختلفين لنتكامل لا لنتصادم، وأن فهم هذا التنوع واحترامه هو الطريق إلى تواصل إنساني أفضل يحقق المقصد القرآني الأسمى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].
تلك هي عظمة القرآن الكريم وهيمنته على سائر العلوم والكتب؛ فهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. وما النظريات النفسية الحديثة – بما فيها ما قدمه توماس إريكسون في كتابه “محاط بالحمقى” – إلا قبسات محدودة من نور القرآن العظيم الذي جاء ليهدي البشرية إلى أقوم السبل في مختلف مجالات الحياة، ومنها فن التواصل الإنساني وفهم النفس البشرية.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل71 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق