وقفات مع القدوم إلى الله (9)
الخوف والقدوم إلى الله
الخوف من الله هو شعور فطريٌّ، ينبع من إدراك عظمة الخالق وجلاله، وقدرته على كل شيء، وهو ليس خوفًا مذمومًا، بل هو خوف محمود يدفع الإنسان إلى فعل الخير، واجتناب الشر.
فعندما يخاف الإنسان من الله، فإنه يتحرر من الخوف من المخلوقات، ومن الأهواء والشهوات.
الخوف من الله هو شكل من أشكال المعرفة، فهو يكشف للإنسان عن محدوديته وضعفه أمام قوة الله وعظمته.
والخوف يدفع الإنسان إلى التواضع والتسليم لإرادة الله، وإلى البحث عن المعنى الحقيقي للحياة.
الخوف هنا ليس خوفًا من المجهول، بل هو خوفٌ ناتج عن معرفة عميقة بالله وصفاته، وقدرته وعظمته.
ولا ينفصل الخوف عن الرجاء؛ فالمؤمن يخاف من عقاب الله، ولكنه يرجو رحمته ومغفرته، وهذا التوازن بين الخوف والرجاء يحافظ على استقامة الإنسان، وتوازنه الروحي.
ويجب أن يكون الخوف من الله دافعًا للعمل الصالح، وليس سببًا لليأس والقنوط.
أنواع الخوف من الله:
الخوف من التقصير في حق الله: وهو خوف يدفع الإنسان إلى الاجتهاد في الطاعات، والحرص على أداء العبادات على أكمل وجه.
الخوف من زوال نعمة الله: وهو خوف يدفع الإنسان إلى شكر الله على نعمه، وعدم التكبر أو الغرور.
خوف العظمة والجلال: وهو الخوف الذي ينبع من إدراك عظمة الله وجلاله، وقدرته التي لا حدود لها، وهو خوف يدفع الإنسان إلى تعظيم الله وتقديسه.
خوف العقاب: وهو الخوف الذي ينبع من إدراك أن الله قادر على عقاب العاصين والمخالفين لأمره، وأن عقابه شديد، وهو خوف يدفع الإنسان إلى اجتناب المعاصي والذنوب، ويُقبل على الله بالتوبة والاستغفار.
خوف الحياء: وهو الخوف الذي ينبع من إدراك أن الله يرى كل شيء، ويعلم كل شيء، حتى ما يُخفيه الإنسان في نفسه، وهو خوف يدفع الإنسان إلى اجتناب المعاصي في السر والعلن.
الخوف المحمود: هو الخوف الذي يدفع الإنسان إلى فِعْلِ الخير، واجتناب الشر، وهو الخوف الذي يقرب الإنسان من الله.
الخوف المذموم: هو الخوف الذي يدفع الإنسان إلى اليأس والقنوط من رحمة الله، وهو الخوف الذي يبعد الإنسان عن الله.
ثمرات الخوف من الله:
تحقيق التقوى، فالخوف من الله هو أساس التقوى، فالإنسان الذي يخاف الله يمتثل أوامره، ويجتنب نواهيه.
الاستقامة على الطاعة: الخوف من الله يدفع الإنسان إلى الاستقامة على الطاعة، والثبات على الحق إلى أن يلقى الله.
الفوز بالجنة: وعد الله تعالى الخائفين من مقامه بالجنة؛ فقال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46].
زيادة الإيمان: الخوف من الله يزيد الإيمان في قلب الإنسان، ويجعله أكثر قربًا من الله.
كيفية تحقيق الخوف من الله:
التفكر في عظمة الله وقدرته: فالتفكر في خلق الله وعجائب صنعه، يُورِث الخوف من عظمته وقدرته.
التفكر في الآخرة وأهوالها: فتذكُّر الموت والقبر والحساب، والجنة والنار، يدفع الإنسان إلى الخوف من الله.
قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته: فالقرآن الكريم مليء بالآيات التي تُذكِّر بعظمة الله وقدرته، وتُحذِّر من عذابه.
أقوال العلماء في الخوف من الله:
يقول ابن القيم:
“الخوف سوط الله يقوِّم به الشاردين عن بابه”.
“الخوف ثلاثة أنواع: خوف العقوبة، وخوف الإجلال، وخوف الحياء، فأجلُّها خوف الحياء، وأوسطها خوف الإجلال، وأدناها خوف العقوبة”.
يقول الإمام أحمد بن حنبل: “الخوف يمنع العبد من معاصي الله، والرجاء يحثه على طاعة الله”.
يقول ابن باز: “الخوف من الله يقتضي أداء فرائضه، والحذر من محارمه، والوقوف عند حدوده”.
يقول ابن كثير: “الخوف من الله تعالى واجب على كل أحد، ولا يبلغ أحد مأمنه من الله إلا بالخوف”.
يقول أبو حامد الغزالي: “الخوف من الله ثمرة العلم بالله، فكلما ازداد علم العبد بربه، ازداد خوفه منه”.
يقول ابن رجب الحنبلي: “الخوف من الله هو سراج القلب الذي به يُبصر ما فيه من الخير والشر”.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل95 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق