شهد العام 2021 العديد من الأحداث الصاخبة والمثيرة على مستوى العالم التي سيبقى أثرها عدة سنوات، والعالم العربي ليس استثناءً في ذلك إذ تعددت الأحداث التي أعادت تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي في المنطقة أو في عدة دول عربية.
وقد أعددنا قائمة بـ10 من أهم الأحداث التي جرت في دول عربية حصراً وبلغت أصداؤها دول الجوار، مرتبةً كرونولوجياً – وفق التسلسل الزمني – من الأقدم إلى الأحدث. وهي:
بداية العام 2021 كانت واعدة لكن ساخنة إذ استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، في 5 كانون الثاني/ يناير، في مشهد “بالغ الود” ينهي أكثر من ثلاث سنوات من القطيعة والحصار.
الأزمة الخليجية التي بدأت بمقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لدولة قطر في حزيران/ يونيو عام 2017 وسط اتهام هذه الدول للإمارة الخليجية الصغيرة بإيواء معارضين ومنشقين و”تمويل الإرهاب” ودعم جماعات الإسلام السياسي، وهي الاتهامات التي نفتها الدوحة باستمرار، سطرت نهايتها في القمة الخليجية 41 التي احتضنتها منطقة العلا التاريخية في المملكة.
ووقعت دول الخليج الست على “اتفاق العلا” الخاص بالمصالحة من دون أي اعتراضات، لتفرض طياً كاملاً للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية معها.
في آذار/ مارس، كانت قناة السويس محط اهتمام وقلق عالميين إثر جنوح سفينة “إيفير غيفن” العملاقة، وتسببها في تعطل الملاحة بالقناة التي تعد شرياناً رئيسياً للاقتصاد العالمي والملاحة التجارية، لمدة ستة أيام.
تسبب تعطل المجرى الملاحي للقناة في خسائر يومية للقناة بلغت 14 مليون دولار أمريكي، وفق إدارتها، ونحو 10 مليارات دولار خسائر يومية للتجارة العالمية، وفق أرقام شركات تأمين عالمية.
عدا حوادث جنوح السفن العملاقة وتعطل الملاحة متكررة بالقناة، كان من الأمور التي أضفت مزيداً من الكارثية على توقف الملاحة بالمجرى الملاحي هذه المرة أن سلاسل الإنتاج لم تتعاف بعد من الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها بفعل جائحة كورونا التي لا تزال شركات الشحن تعاني من قيود التنقل بسببها. علماً أن القناة توفر الوقت والتكاليف للشركات الناقلة للبضائع مقارنةً بالطرق الأخرى، مثل معبر رأس الرجاء الصالح.
مساء 10 أيار/ مايو، اندلع قصف إسرائيلي وحشي على مناطق في قطاع غزة المحاصر، عقب ساعات من تهديد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، بالانتقام إذا لم تسحب إسرائيل قواتها من المسجد الأقصى، واستهدافها برشقات صاروخية مناطق سيطرة إسرائيل.
أعقب ذلك أربعة أيام من اعتداءات الجنود الإسرائيليين بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الصوت والغاز على الفلسطينيين المرابطين بالمسجد في ظل تهديدات مجموعات استيطانية يهودية باقتحامه وتدنيسه، وسط تصاعد أزمة محاولات طرد سكان حي الشيخ جراح الفلسطينيين من منازلهم.
عقب القصف الوحشي المتواصل على مدى 11 يوماً، وافقت إسرائيل وحماس على هدنة دخلت حيز التنفيذ فجر الخميس 20 أيار/ مايو. برغم الخسائر البشرية (ما لا يقل عن 284 شهيداً، بينهم 66 طفلاً و39 سيدة و17 مسناً، وفق وزارة الصحة في حكومة غزة)، ومليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية وفي البنى التحتية، كان للعدوان صدى واسع أعاد بلّورة القضية الفلسطينية عالمياً “كقضية مباشرة للعدالة العرقية”.
كان لقتل الأطفال وترويعهم وتشريدهم صدى أوسع في جذب هذا التعاطف والتفاعل العالمي غير المسبوق حتى أنه خفّض مكانة إسرائيل وتأييدها في قلب أمريكا. في الوقت نفسه، أعاد العدوان على غزة زخم الاهتمام بالقضية الفلسطينية على الصعيد العربي عقب موجات التطبيع الأخيرة التي سطرتها “اتفاقات أبراهام”.
في 25 تموز/ يوليو، اتخذ الرئيس التونسي قيس سعيد “تدابير استثنائية” تشمل تعليق عمل البرلمان مدة 30 يوماً ورفع الحصانة عن نوابه وحل الحكومة استناداً إلى الفصل 80 من الدستور التونسي، وهو ما عدّه منتقدون وأحزاب سياسية محاولة لتجميع السلطات في يده و”انقلاباً على الديمقراطية”.
فرضت الإجراءات الجديدة انقسام التونسيين إلى فريقين: فريق يطالب بـ”الدفاع عن الشرعيّة الدستورية والبرلمانية” ويرفض الإجراءات القمعية مثل التغّول على السلطة القضائية وقمع الحرّيات، والتنكيل بالمعارضين، وإحالة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وفريق آخر يرى في إجراءات سعيد “تصحيحاً للمسار” و”محاربة للفساد” و”نزول عند رغبة شعبية” لا سيّما بالنسبة لمعارضي حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي أبرز المتضررين من “الانقلاب الأبيض”، كما يصفه البعض.
في 24 آب/ أغسطس، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب عقب سلسلة من الضربات والتحرشات الدبلوماسية المتبادلة بين الجارتين، بما في ذلك دعم المغرب انفصال القبائل الأمازيغية عن الجزائر ودعم الأخيرة مساعي جبهة البوليساريو للاستقلال بالصحراء الغربية عن الرباط.
ومنذ أزمة غلق الحدود المشتركة عام 1994، وقبلها، لم تعرف العلاقات الجزائرية المغربية طريقاً للهدوء. لكنها لم تصل إلى مرحلة قطع العلاقات من قبل. وكان تقديم سفير المغرب لدى الأمم المتحدة مذكرة إلى دول عدم الانحياز، يدعو فيها إلى دعم انفصال سكان القبائل (الأمازيغ) عن الدولة الجزائرية ومنحهم حق الحكم الذاتي القشة التي قصمت ظهر البعير.
أسفرت الخطوة عن تغيرات جيوإستراتيجية عميقة الأثر على منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، وبخاصة منطقة المغرب الكبير التي تعد الخاسرة الكبرى في هذه المسألة إذ من المرتقب أن تتحول تدريجياً إلى قوقعة خالية، وفق مراقبين.
ويعتقد أن قطيعة الجزائر ستدفع المغرب إلى التخلي عن المغرب الكبير وإيجاد حلول أبعد في أفريقيا وفي روسيا والصين والشرق الأوسط.
فجر 6 أيلول/ سبتمبر، نجح ستة أسرى فلسطينيين في الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي الشديد الحراسة عبر نفق طويل حفروه على مدار أشهر بأيديهم وملاعق الطعام وبدون أي مساعدة خارجية.
على الرغم من إعادة اعتقال الأسرى الستة، وهم: زكريا الزبيدي، ومحمود العارضة، ويعقوب قادري، ومحمد العارضة وأيهم كممجي ومناضل نفيعات، فإن قدرتهم على انتزاع حريتهم ولو لساعات وكسر إرادة السجان وإثبات كذب ادعاء الإسرائيليين بالتفوق الأمني، أدت إلى حالة من النشوة والفخر في أوساط الفلسطينيين والعرب، وإلى الفزع في الجانب الإسرائيلي لاحتمال وجود محاولات هروب أخرى مماثلة.
في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، أدت حكومة رئيسة الوزراء التونسية نجلاء بودن اليمين الدستورية لتصبح أول حكومة تترأسها سيدة في تونس والوطن العربي على السواء بعد فراغ حكومي ناهز الشهرين.
نال تكليف امرأة بتشكيل الحكومة استحساناً شعبياً واسعاً في تونس، خاصة من قبل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية. لكن الخطوة الإيجابية وغير المسبوقة، والتي كانت غير متوقعة من رئيس رفض مسألة المساواة بين الجنسين في الميراث، أثيرت حولها تساؤلات كونها وصلت الحكم في ظروف غير ديمقراطية.
وبرغم تخوّف البعض من أن يكون الغرض من تكليف بودن ترؤس الحكومة “جندرة الانقلاب”، إلا أنهم اتفقوا على أنها “فرصة للمرأة لإثبات كفاءتها” واستحقاقها للمنصب الرفيع.
في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، أعلن رئيس مجلس السيادة المحلول في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، حل مجلسيَ السيادة والوزراء وتفعيل حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية. وذلك في الساعات التي تلت اعتقال السلطات الأمنيّة عدداً من المسؤولين المدنيين في الحكومة ومجلس السيادة الانتقالي، على رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
حذّر مراقبون من أن الحاضنة السياسية للانقلاب بصيغته المُسلّحة والقبليّة وبكل التناقضات بين عناصره، والمقاومة الشعبية القوية للانقلاب، تشكل معاً قُنبلة موقوتة قابلة للانفجار انفجاراً قد “يحرق السودان كله” ويفضي إلى حرب أهلية شاملة ربما تنتهي إلى “تفكيك السودان إلى كنتونات هشّة صغيرة ذات طابع قبلي”.
وحذروا كذلك من احتمال إعادة السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب وفرض حظر اقتصادي دولي عليه يزيد أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية تدهوراً، ويؤثر على علاقاته الإقليمية والدولية.
في تصريحات عبر شبكة الجزيرة بُثت في 25 تشرين الأول/ أكتوبر هاجم وزير الإعلام اللبناني آنذاك جورج قرداحي الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، معتبراً أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي تنفّذه السعودية والإمارات”.
الحلقة أثارت غضب دول الخليج العربي، ودفعت السعودية أولاً في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لاستدعاء سفيرها في لبنان للتشاور، وطلبت من سفير لبنان في الرياض المغادرة خلال 48 ساعة. تبعتها البحرين، والكويت التي كانت عرّابة المصالحات في المنطقة، ومن ثم الإمارات، فيما اكتفت قطر ببيان استنكار.
علماً أن العلاقات اللبنانية السعودية شهدت توتراً منذ بداية عهد الرئيس اللبناني ميشال عون، على نحو خاص بسبب نفوذ حزب الله المتزايد في السلطة، لكن تصريحات قرداحي كتبت فصلها الختامي.
خضع قرداحي لتدخلات فرنسا وقدم استقالته قبيل يوم واحد من لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان مقرراً أن يسعى الأخير خلاله إلى رأب الصدع بين لبنان المنهار على عدة أصعدة والخليج المأمولة إسهاماته في جهود انتشال لبنان من براثن الانهيار الاقتصادي.
وجرى اتصال ثلاثي بين بن سلمان وماكرون ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي كخطوة أولى لإعادة العلاقات بين الرياض وبيروت إلى سابق عهدها، لكن مراقبين يشككون في إمكان حدوث ذلك إذ تشترط المملكة “حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية”، ما يعني نزع سلاح حزب الله وهو أمر غير وارد أو قابل للتحقيق.
شهد عام 2021 ظهور عدة متحورات لفيروس كورونا بشكل سبّب حالة استنفار وقلق عالميين واسعين.
متحور دلتا هو أكثر متحورات كورونا إثارة للفزع حتى الآن إذ صنّفته منظمة الصحة العالمية، في أيار/ مايو، سلالة مثيرة للقلق. وعزت ذلك إلى زيادة قابليته للانتشار وقدرته على التسبب بمرض حاد.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر، حذّر خبراء الصحة في بريطانيا من متحور جديد لكورونا هو “دلتا بلس” قائلين إنه ربما ينتشر بسهولة مقارنةً بمتحور دلتا العادي.
وفي 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، أطلقت منظمة الصحة العالمية على المتحور B.1.1.529 صفة “متحور مثير للقلق”، واشتهر باسم “أوميكرون”.
من الأمور المثيرة للقلق بشأن المتحور الجديد أنه يحتوي على عدد كبير من الطفرات التي تمنحه قدرة أكبر على الانتشار بسرعة، وعلى مراوغة المناعة التي يستمدها الجسم من اللقاحات أو من أي عدوى سابقة. علماً أن منظمة الصحة طمأنت إلى ارتفاع معدلات الاستشفاء بين المصابين به مقارنةً بالمتحور دلتا مثلاً.
في كثير من الأحيان، أدت هذه الطفرات إلى فرض قيود على الحركة والاقتصاد ومخاوف من إطالة أمد الجائحة.
استقالة قرداحي وإغراءات ماكرون… المبادرة الفرنسية-السعودية وُلدت لتموت!
استنفار عالمي ضد “أوميكرون”… ماذا نعرف عن أحدث سلالات كورونا “المثيرة للقلق”؟
حاضر هشّ ومستقبل مجهول… قراءة في مستقبل السودان بعد انقلاب البرهان
تمت قراءة هذا المقال بالفعل365 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.