dark

رييل ستوري | دراسة: المراسي الجليدية في القطب الجنوبي تختفي بشكل مضاعف | علوم

0
(0)

السبب الرئيسي لفقدان الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي هو ترقق الجروف الجليدية العائمة على سطح مياه المحيط والتي تحيط بالغطاء الجليدي في القطب الجنوبي وتدعمه. وتؤدي الجروف الجليدية السميكة والمستقرة هذا الدور الداعم بشكل أكثر فعالية، ولكن بترققها في العقود الأخيرة قلّت إمكانية دعمها لجليد القطب الجنوبي، ويتسبب ذلك في تسارع هبوط الجليد الأرضي في المحيط مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي.

الجرف الجليدي هو امتداد للجليد الأرضي امتد من الساحل إلى سطح المحيط، ويلعب دورا مهما في منع تدفق الجليد الأرضي إلى المحيط، وترتكز هذه الجروف الجليدية على مراسٍ جليدية موجودة تحت سطح البحر، ويمكن رؤيتها بشكل بارز على سطح الجرف الجليدي. وتُعرف هذه المراسي بـ”نقاط التثبيت” التي تدعم الجرف الجليدي العائم ومن ورائه الغطاء الجليدي الأرضي.

وتقع معظم الجروف الجليدية على الكوكب الأرضي في حدود القارة القطبية الجنوبية، وتشكل الجروف الجليدية العائمة 75% من ساحل القارة القطبية الجنوبية، وتغطي مساحة تعادل مساحة غرينلاند.

ويمكن علميا التعرف على التغير في سمك الجرف الجليدي عن طريق قياس التغير في مساحة التعبير السطحي الظاهر لنقاط التثبيت، وهي الطريقة العلمية التي استخدمتها الدراسة للتعرف على ترقق الجروف الجليدية على مدار 50 عاما.

وأظهرت الأبحاث أن نقاط التثبيت التي تدعم الجروف الجليدية وتساعد على منع الجليد الأرضي في القارة القطبية الجنوبية من الانزلاق إلى المحيط، تقل بمعدل يزيد عن الضعف مقارنة بما كانت عليه قبل 50 عاما.

ترقق الجرف الجليدي - 2 - المصدر: نيشتر
توضح الصورتان زيادة التغبير السطحي لنقاط التثبيت بين عامي 1973 و2022 نتيجة لزيادة تلامس الجرف الجليدي مع الارتفاع الصخري لقاع المحيط (نيشتر)
ترقق الجرف الجليدي - 1 - المصدر: نيشتر
ترقق الجرف الجليدي ستانج أدى إلى تقليل التعبير السطحي لنقاط التثبيت بين عامي 1973 (صورة لاندسات ١) و2022 (صورة لاندسات 8) (نيشتر)

ويقول الخبراء إن أكثر من ثلث هذه المراسي المتجمدة والمعروفة باسم نقاط التثبيت تناقص حجمها منذ مطلع القرن العشرين، وهذا من شأنه أن يسرع مساهمة القارة القطبية الجنوبية في ارتفاع منسوب مياه البحر.

وتحدُث هذا الظاهرة في القارة القطبية الجنوبية بسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، وهذا يؤكد الحاجة إلى اتخاذ الإجراءات الممكنة للحد من انبعاثات الكربون العالمية.

كيف تتشكل نقاط التثبيت وما أهميتها؟

نقاط التثبيت أمر شائع الوجود أمام سواحل القارة القطبية الجنوبية، وتتشكل نقاط التثبيت عندما يُثبّت جزء من طبقة جليدية عائمة نفسه على نقطة عالية في قاع المحيط، مما يخلق نتوءا على سطح الجرف الجليدي الأملس يمكن رؤيته في الصور البصرية التي تُلتقط عبر الأقمار الصناعية.

وتعتبر نقاط التثبيت مؤشرا مهما لسُمك الجرف الجليدي، فالنتوءات التي تصبح أصغر أو تصبح بمرور الوقت ملساء تماما، تشير إلى أن الجرف الجليدي أصبح رقيقا، وربما أصبح غير مثبت. لذا فنقاط التثبيت تستخدم كدليل للتعرف على سُمك الجرف الجليدي.

وعلى الرغم من أن الدراسة تُركز بشكل أساسي على مراقبة التغير في نقاط التثبيت وتستدل به على التغيرات في سمك الجرف الجليدي، فإن الباحثين لاحظوا أيضا أن نقاط التثبيت مهمة بشكل أساسي لتوازن كتلة الغطاء الجليدي، لأنها تدعم الجليد الأرضي وتحدّ من تدفقه إلى ماء المحيط، كما يمكن أن تلعب نقاط التثبيت أيضا دورا مهما في تعزيز التصدعات مما يمنع عملية الانفصال، كما أنها تؤثر إيجابيا في دوران مياه المحيط أسفل الجروف الجليدية مما يمنع انصهارها.

العديد من نقاط التثبيت المرئية على سطح الجليد في يناير 1973 (ناسا)
نقاط التثبيت المرئية أصبحت في الغالب ناعمة في ديسمبر 2001 (ناسا)

كيف استخدم العلماء نقاط التثبيت للتعرف على ترقق الجروف الجليدية العائمة؟

قام الباحثون بشكل منهجي بتتبع التغيرات في التعبير السطحي لنقاط التثبيت حول القارة القطبية الجنوبية منذ عام 1973 للاستدلال على تغير سمك الجروف الجليدية في القطب الجنوبي على مدار العقود الخمسة الماضية. فقاموا بقياس تغير نقاط التثبيت على مدى ثلاث حقب تمتد عبر الفترات من 1973 إلى 1989، ومن 1989 إلى 2000، ومن 2000 إلى 2022، ومن ثم استنتجوا التغيرات في سُمك الجرف الجليدي.

لقد كان الترقق في سمك الجروف الجليدية بين عامي 1973 و1989 مقتصرا على أجزاء صغيرة من الجروف الجليدية؛ معظمها في خليج بحر أموندسن وساحل ويلكس لاند في شرق القارة القطبية الجنوبية.

ولكن في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين انتشر ترقق الجرف الجليدي بشكل سريع. ومن بين ما يقرب من 600 نقطة تثبيت تتبعها الباحثون، انخفضت نقاط التثبيت بنسبة 15% فقط من عام 1973 إلى عام 1989، بينما ارتفعت نسبة الانخفاض بين عامي 1989 و2000 إلى 25%، وبين عامي 2000 و2022 إلى 37%. ومن شأن استمرار هذا الانخفاض أن يؤدي إلى مزيد من تقليل إمكانات دعم الأرفف الجليدية، مما يعزز تسرب الجليد الأرضي إلى البحر، ويزيد من مساهمة القارة القطبية الجنوبية في ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي.

صورة تُظهر الجرف الجليدي لنهر باين آيلاند الجليدي في يناير 2024 (ناسا)

صور الأقمار الصناعية وبيانات قياس الارتفاع

استخدم العلماء للتعرف على هذه المعلومات والنسب الواردة بهذه الدراسة التي تُبين ترقق الجروف الجليدية العائمة وتقلص نقاط التثبيت؛ طريقتين علميتين:

  • الأولى؛ استخدام صور الأقمار الصناعية البصرية الملتقطة خلال 50 عاما بواسطة أقمار لاندسات الصناعية، والتي تظهر التعبير السطحي لنقاط التثبيت. وهذه الصور مسجلة بأرشيف برنامج لاندسات التابع لناسا/المسح الجيولوجي الأميركي (يو إس جي إس).
  • الثانية؛ (وتُعد الأكثر تطورا) وهي استخدام بيانات قياس الارتفاع عبر الأقمار الصناعية (قياس ارتفاع الأرض والأسطح الجليدية). ولم تكن بيانات قياس الارتفاع عبر الأقمار الصناعية متاحة قبل تسعينيات القرن العشرين، لذا فإن الطريقة الأولى وفرت معلومات مهمة لفترة ما بعد 1973.

خطورة هذه التغيرات

إن هذا الذوبان للجروف الجليدية على نطاق واسع والذي حدث على مدار 50 عاما الماضية؛ أمر ملفت للنظر ويثير القلق بخصوص المستقبل، وما هو عدد النقاط المهمة للغاية التي ستبدأ في التلاشي خلال الـ50 عاما القادمة.

وما تشهده المنطقة عن القارة القطبية الجنوبية هو بفعل التأثير المستمر لارتفاع درجة حرارة المناخ، والذي تسبب بتيارات مائية دافئة بالمحيط تُضعف التأثيرات الداعمة للأرفف الجليدية، مما يؤدي إلى سرعة ذوبان الجليد الأرضي بالقطب الجنوبي، وما ينتج عنه من ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، وزيادة خطر الفيضانات وغيرها من المخاطر المرتبطة بها على المجتمعات الساحلية المنخفضة، وهذا يؤكد ضرورة اتخاذ الإجراءات قدر الإمكان للحد من انبعاثات الكربون العالمية.

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | هكذا كشفت “تهنئة رمضان” عمق العداء للإسلام في ألمانيا

Next Post

رييل ستوري | ما الفيل الذي يحاول الغرب إخفاءه؟

Related Posts