مهندس فرنسي ولد عام 1832م، تخصص في الإنشاءات المعدنية وبنى العديد من الجسور والسكك الحديدية حول العالم، وارتبط اسمه بأحد المعالم السياحية الشهيرة، له إسهاماته العديدة في الديناميكا الهوائية، توفي عام 1923 عن عمر يناهز 91 عاما.

المولد والنشأة

ولد ألكسندر غوستاف إيفل -الملقب بـ”ساحر الحديد”- يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 1832م في مدينة ديجون جنوب شرق العاصمة الفرنسية باريس، لأسرة ميسورة الحال تنحدر أصولها من مدينة راينلاند غرب ألمانيا.

كان والده مسؤولا عسكريا في الجيش الفرنسي، وكانت والدته تعمل في تجارة الفحم مع عائلتها.

اعتمد والده لقب “إيفل” للعائلة في القرن الـ19 الميلادي نسبة إلى سلسلة جبال بمنطقة إيفل الألمانية، والتي تحمل الاسم نفسه، وذلك بعد أن لاحظ الأب أن الفرنسيين يجدون صعوبة في نطق اللقب الأصلي للعائلة “بونيكهاوزن”.

الدراسة والتكوين

أنهى غوستاف مرحلته الثانوية متميزا في مواد العلوم والعلوم الإنسانية، وشرع في الاستعداد لاختبارات القبول للالتحاق بكلية الفنون التطبيقية المرموقة في ذلك الوقت، لكنه لم يُقبل فيها.

التحق بعدها بالمدرسة المركزية للفنون والتصنيع في باريس تخصص كيمياء، ليتلقى تعليمه الجامعي فيها بصفتها مدرسة ليبرالية خاصة تعد من أفضل كليات الهندسة في أوروبا بعد أن وفرت أسرته جميع التكاليف المادية.

حصل على ما يعادل درجة الماجستير في العلوم عام 1855م وهو العام نفسه الذي استضافت فيه باريس المعرض العالمي الأول.

كان لعم إيفل الكيميائي ورجل الأعمال جان بابتيست موليرات تأثير شديد عليه وحبب إليه الكيمياء، إذ كان يخطط لتولي إدارة مصنع جان برغبة منه، لكن خلافا نشب بين والده وعمه أوقف هذه الخطة.

التجربة المعمارية

بدأ العمل مع مهندس البناء تشارلز نيبفو في مشاريع السكك الحديدية عام 1856م، وفي عمر 26 عاما كُلف بإدارة موقع بناء جسر بوردو للسكك الحديدية، والذي يبلغ طوله أكثر من 500 متر فوق نهر جارون الهائج، وبدأت ملامح نبوغه الهندسي في الظهور لاستخدامه تقنيات لوضع أساسات أرصفة الجسر بالهواء المضغوط.

ذاع صيته بعد أن أصبح كبير مهندسي الشركة، وأسندت إليه مسؤولية الإشراف على جسور متعددة في جنوب غربي فرنسا، ويعد من أوائل المهندسين الذين استخدموا قيسونات الهواء المضغوط (هياكل احتجاز مانعة لتسرب الماء وتتيح العمل تحت الماء) في بناء الجسور.

شرع في تأسيس شركته الخاصة “إيفل” عام 1866م، وكانت شركة متخصصة في الإنشاءات المعدنية، وأصبحت من الشركات العالمية الرائدة في بناء محطات السكك الحديدية والجسور والأعمال الهيكلية المعدنية.

طور إيفل أساليب شحن الهياكل الحديدية الجاهزة والمفككة حول العالم، وبلغت براعته الهندسية دولا كثيرة مثل الولايات المتحدة وإسبانيا والبرازيل وأوروغواي وبيرو والمكسيك وتشيلي.

في عام 1875 كُلف بالتفاوض على تنفيذ محطة بودابست في المجر بمساحة 13 ألف متر مربع، ثم حصلت شركته على دعم من المهندس البلجيكي تيوفيلي سيريج، وأجريت مناقصة دولية لصالح الشركة لبناء جسر وسكك حديدية فوق نهر دورو الشهير في مدينة فيلا نوفا دي غايا البرتغالية بطول 160 مترا باستخدام 525 قوسا فولاذيا.

أنجز إيفل تصميما مميزا للجسر بتكلفة منخفضة، استخدم فيها تقنية دمج القوى عن طريق قوس مزدوج المفصلات يدعم لوحة سكة حديدية ذات خط واحد عبر أعمدة تمد الجسر بأكمله، وأنجز المشروع في أقل من عامين، وافتتحه الملك دي لويس والملكة دي ماريا بيا، التي حمل الجسر اسمها بعد ذلك.

بحلول المعرض العالمي لعام 1878م، أصبحت شركة إيفل واحدة من أقوى الشركات الإنشائية المعدنية الفرنسية، فأسند لها الاتحاد الفرنسي الأميركي والمهندس فريدريك أوغست بارتولدي مهمة بناء الإطار الداخلي لتمثال الحرية، وذلك بعد وفاة المصمم الأصلي للهيكل الداخلي للتمثال عام 1879.

صمم إيفل هيكلا معدنيا مقاوما للرياح الشديدة بحكم مكان التمثال المطل على ميناء نيويورك، ومقاوما للظروف المناخية المختلفة، وذلك باستخدام 100 طن من الألواح الحديدية.

كما صمم غوستاف إيفل القبة المتحركة للمرصد في نيس، وانتهى منها عام 1881م، ونفذ جسر غارابيت بمنطقة كانتال جنوب فرنسا عام 1884م بطول يصل إلى 162 مترا.

عام 1886 أعلنت الحكومة الفرنسية عن مسابقة لتصميم برج يصبح عامل جذب سياحي لمعرض باريس العالمي لعام 1889م.

وقدم إيفل -باقتراح من مساعديه المهندسين ميل نوغير وموريس كوشلين- تصميما لبرج يبلغ ارتفاعه 300 متر ويرمز إلى قرن الصناعة والعلوم، وفاز بالمسابقة من بين 700 مشروع.

وضُمت إلى تصميم البرج عدد من الأعمال الهندسية لتضفي ثقلا سياحيا وحضاريا على المشروع، ومن بينها كاتدرائية نوتردام وقوس النصر و3 أعمدة متطابقة في ساحة فاندوم.

واجه غوستاف بعض التحديات الهندسية أثناء البناء، إذ وجد صعوبة في استخدام معدات الرفع العادية بعد إتمامه 15 مترا من البرج، فلجأ بعد ذلك إلى استخدام الرافعات المتحركة والسقالات الهرمية، وانتهى من إتمام المشروع في عامين وشهرين.

مشروع قناة بنما

وواجه مشروع البرج في البداية رفضا شديدا من كثير من الفرنسيين، واعتبروه تشويها للمنظر الجمالي لباريس، لكن سرعان ما تغير الرأي العام بعد أن أصبح برج إيفل وجهة سياحية رئيسية، ويستقبل نحو 7 ملايين سائح سنويا.

بعد نجاحه في هذا المشروع برج إيفل، كلف غوستاف بمشروع بناء قناة بنما الذي كان يديره فرديناند ديليسبس، ووافق على بناء 10 أقفال للقناة عام 1887م بمبلغ قدره 125 مليون فرنك فرنسي، لكن تمت تصفية الشركة المسؤولة عن بناء القناة في فبراير/شباط 1889م واتُّهم إيفل بعدها في فضيحة مالية بجانب ديليسبس وابنه، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 2000 فرنك فرنسي، وتمت تبرئته بعد ذلك من جميع التهم وأبطلت الدعوى ضده.

بعد تلك الأزمة كرس غوستاف جهوده في البحث العلمي لمدة 30 عاما حتى وفاته، وحول اهتماماته إلى الأرصاد الجوية والديناميكا الهوائية والبث الإذاعي، ونشر أبحاثًا ومقالات عديدة عن تأثيرات مقاومة الرياح على الهياكل المعدنية.

كما بنى مرصدا للأرصاد الجوية أعلى برج إيفل ووضع معدات في أماكن متفرقة وبنى نفقا أسفل البرج للاستفادة منه وللتأكيد على نجاح البرج.

اقترح على الجيش تركيب معدات الراديو أعلى البرج للاستفادة منه في الاتصالات، كما اقترح استثماره لتركيب أجهزة البث التلفزيوني، ثم بنى نفقا آخر أكبر في شارع بوالو في باريس عام 1909.

الجوائز والأوسمة

• حصل على وسام جوقة الشرف.
• حاز على رتبة فارس عام 1878.
• حصل على رتبة ضابط عن افتتاح برج إيفل عام 1889.
• نال من البرتغال وسام الحمل من رتبة قائد عن تصميم جسر دورو.
• نال وسام التاج الإيطالي من رتبة قائد عن تنفيذ الجسور القابلة للانفصال.
• تقلد من إسبانيا وسام إيزابيلا الكاثوليكية برتبة قائد عن مهمة تصميم جسر تاجي.
• منحته روسيا وسام سانت آن برتبة قائد عن تنفيذه الجسور القابلة للإزالة.
• تولى رئاسة الجمعية الفرنسية للمهندسين المدنيين عام 1889، ونال فيها منصب عضو فخري مدى الحياة.

الوفاة

توفي غوستاف إيفل في 27 ديسمبر/كانون الأول 1923 داخل قصره الخاص في شارع رابليه بباريس ودفن في مقبرة لوفالوا بيريه.