dark

قصة النار فاكهة الشتاء | قصص اطفال

0
(0)

تأخذنا قصة النار فاكهة الشتاء في رحلة ساحرة عبر العصور البدائية وتظهر لنا كيف استخدم الإنسان النار ليس فقط لتدفئة كهفه، ولكن أيضًا كوسيلة لإضاءة الظلمة وتحويل حياته بشكل أكثر راحة وإشراقًا، اكتشف كيف تطورت هذه القصة من قصة النار البسيطة إلى اكتشافات أخرى مهمة في تاريخ الإنسان.

رحلة في العصور البدائية

كان ماجد يجلس مع طفليه سامح ومنير وطفلته سميرة. وكان من عادة ماجد أن يقص على أولاده كل ليلة قصة لطيفة يستمعون إليها بانتباه وتشوق شديدين.

وفي هذه الليلة، أمسك ماجد بعلبة الثقاب وأخرج منها عوداً حكه في جانب العلبة فاشتعل العود. ولبث ماجد ممسكًا بالعود يتأمل شعلته ثم سأل أولاده:

“أتعرفون قصة هذه النار؟!”

قالوا:

“لا، قصها علينا…”

الأب يجتمع مع عائلته ليحكي لهم قصة النار فاكهة الشتاء

قال الأب:

“كان يوجد في العصر القديم رجل اسمه (كابد) وكان يعيش في كهف صخري هو وزوجته وأولاده.

وسأله ابنه سامح:

“ولماذا كانوا يعيشون في كهف صخري؟ هل كانوا فقراء لا يملكون بيتا؟”

قال الأب:

“كان كل الناس في ذلك العصر لا يعيشون إلا في الكهوف لأنهم لم يكونوا يعرفون كيف يبنون البيوت. ولا يعرفون كيف يشعلون النار.

وسأله ابنه منير:

“ألم يكن عندهم ثقاب؟”

قال الأب:

“كلا.. إن الإنسان لم يكن قد اخترع النقاب في ذلك العصر.

وسألته ابنته سميرة:

“وكيف كانوا يطهون طعامهم؟”

قال الأب:

“كانوا يأكلون الطعام نيئاً سواء في ذلك اللحم أم الخضروات.

وقالت سميرة:

“لا بد وأنهم كانوا يمرضون حين يأكلون كل شيء نيئا يا أبي.

قال أبوها:

“كلا يا سميرة.. إن الخضراوات وهي نيئة تكون أكثر فائدة لجسم الإنسان منها بعد أن تطهى بالنار لأن النار تفقدها الكثير من قيمتها الغذائية. وكذلك الفواكه، فنحن نأكلها نيئة ولا نضعها على النار.”

الانسان القديم يقطف بعض الثمار

قال سامح:

“وهناك أشياء أخرى تأكلها نيئة يا والدي، مثل الخس والخيار والقثاء والفجل….”

قال أبوه:

“نعم يا سامح.. إن النار ضرورية لطهي الطعام. ولكن توجد أشياء كثيرة لا تحتاج إلى النار.. والإنسان وحده من بين سائر المخلوقات الحية هو الذي يستعمل النار لإعداد بعض أنواع الطعام التي يتناولها. أما الطيور وكل أنواع الحيوانات الأخرى فهي لا تحتاج إلى النار.. لا لإعداد طعامها ولا للتدفئة.”

الحيوانات في فصول الطبيعة

وقالت سميرة:

“كيف ذلك يا أبي؟ إن قطتنا (بوسي) في أيام الشتاء الباردة تقترب من المدفأة وتظل قريبة منها ولا تريد أبدا أن تبتعد عنها…”

قال أبوها:

“هذا صحيح، فالحيوانات المستأنسة التي تعيش مع الإنسان تحتاج دائماً إلى الدفء. ولكن الحيوانات التي تعيش في الغابات لها فراؤها الذي يدفئها ويحميها من برد الشتاء، فلا تحتاج إلى النار.”

وسأل سامح والده:

“ولكن هذه الفراء يا والدي تضايق الحيوانات كثيراً إذا جاء فضل الصيف بحرارته الشديدة.. ماذا تفعل حينئذ هذه الحيوانات المسكينة؟”

وقالت سميرة:

“حقا، ماذا تفعل هذه الحيوانات يا والدي؟ إنها لا تستطيع أن تخلع عنها فراءها بطبيعة الحال.”

قال الوالد وهو يضحك:

“نعم، إنها لا تستطيع أن تخلع عنها فراءها ولكن بعض الحيوانات تحف فراؤها كثيرًا في أثناء فصل الصيف والبعض الآخر تسقط فراءه بعد انتهاء فصل الربيع، وما تبقى منها يزيله الحيوان بأن يذهب إلى شجرة كبيرة ويحك بشدة فراءه في جذع هذه الشجرة حتى تسقط كلها. وقبيل الشتاء تكون فراء جديدة قد تمت لهذا الحيوان كي تدفئه إذا ما جاء البرد.”

وقالت سميرة:

“إن قطتنا (بوسي) لا تخفي فراءها ولا تحكمه لكي تزيله لأنها لا تعيش في الغابة.”

قال أبوها:

“نعم، وكذلك الكلاب.”

وسأل سامح والده:

“وماذا كان الناس يفعلون في الشتاء يا أبي… إن البرد يكون شديداً جداً في مثل هذا الكهف الذي كانوا يعيشون فيه؟”

قال الأب:

“كانوا يغلقون باب الكهف بقطع كبيرة من الأحجار ويغطون أنفسهم بفراء الحيوانات التي كانوا يصطادونها كالخراف والماعز الجبلية. وفي ليلة من الليالي امتلأت السماء بالغيوم ثم سمعوا صوت الرعد وكان البرق يضيء الغابة القريبة ثم سقطت صاعقة أحرقت إحدى الأشجار فاشتعلت النار في الغابة، وأسرع (كابد) نحو الغابة وأخذ غصناً تشتعل فيه النار وعاد به إلى كهفه ثم ألقى عليه بعض الأغصان الجافة فاشتعلت فيها النيران وجلس هو وزوجته وأولاده حول النار لكي يستدفئوا بها.”

الانسان القديم يجتمع مع العائلة حول النار

قصة النار ومغامرات الشتاء

وقال سامح متعجبا:

“معنى ذلك يا أبي أن (كابد) هذا لا بد أن يجعل النار مشتعلة دائما لأنها لو خمدت لما تمكن من إشعالها ثانية.”

الانسان القديم يحافظ علي النار مشتعلة - قصة النار فاكهة الشتاء

قال الأب:

“هذا ما كان يحدث فعلًا.. ولكن أحد أصدقاء (كابد) اكتشف كيف يشعل النار بضرب حجرين صلبين أحدهما بالآخر فتتولد شرارة يشعل بها بعض القش الجاف.”

كان (كابد) يستعمل النار فقط للتدفئة، فلما وجدها تضيء الكهف المظلم في أثناء الليل صار يستعملها أيضًا في الإضاءة.

وسكت الأب قليلاً ثم قال:

“وجاء أحد جيران (كابد) لكي يأخذ منه غصنًا مشتعلاً.. وأخذ الجار الغصن المشتعل وخرج من الكهف. وبينما كان يسير في طريقه سمع زئير أسد وخرج (كابد) ليطمئن على جاره فرأى الأسد يهجم عليه. فرفع جاره العود المشتعل بالنار في وجه الأسد فإذا بالأسد يفر هاربًا وقد خاف من النار.”

وسأل منير:

“وهل يخاف الأسد من النار؟”

قال أبوه:

“نعم.. إن كل الحيوانات تخاف خوفا شديدا من النار.. لذلك صار (كابد) يشعل النار أمام باب كهفه كل ليلة فتخاف منها الوحوش ولا تقترب من الكهف. وبينما كان أحد أبنائه يأكل قطعة من اللحم النيء وهو يستدفئ إلى جوار النار سقطت قطعة اللحم من يده في النار. فحاول إخراجها بغصن صغير فلما أخرجها كانت لها رائحة الشواء اللذيذ وأصبح طعمها أطيب بكثير من طعم اللحم النيء.”

الانسان القديم يستخدم النار لنضج الطعام - قصة النار فاكهة الشتاء

ومنذ ذلك الوقت صاروا يشوون اللحوم وابتدأت المرأة تتفنن في طهي مختلف أنواع الطعام.

وقالت سميرة وهي تبتسم:

“إنها قصة لطيفة جدا يا أبي.. وماذا حدث بعد ذلك؟”

قال الأب:

“اكتشف الناس بعد ذلك أن قطع المعادن الصلبة تؤثر فيها النار فتصبح لينة، وبذلك يمكن للإنسان أن يجعلها في الشكل الذي يريده.. وتمكن الناس بعد ذلك من صنع مختلف أنواع الأسلحة التي كانت تستعمل لكي يدافع الإنسان عن نفسه ضد الوحوش المفترسة ويستعملها كذلك في الصيد أو في تقطيع اللحم الذي يحصل عليه من صيده.”

الانسان القديم يصنع الأسلحة باستخدام النار

اكتشاف الإضاءة

وأنهى الأب قصته قائلا:

“وهكذا كان نجاح الإنسان في إشعال النار أول خطوة خطاها في طريق المدنية. وقد اكتشف الإنسان فيما بعد أن الزيت مثلاً قابل للاشتعال فاخترع مصباح الزيت وهو الذي يسمونه بالقنديل.”

وسألت سميرة أباها:

“وما هو القنديل يا والدي؟”

قال أبوها:

“يوضع الزيت في إناء مغلق تخرج منه فتيلة.. أي قطعة من قماش فيمتص القماش بعض الزيت. فإذا أشعل طرف قطعة القماش هذه احترق الزيت ونتج عن احتراقه ضوء ينير المكان وكلما احترقت كمية من الزيت امتصت قطعة القماش كمية غيرها من الإناء الذي به الزيت.”

وسكت الأب ثم قال:

“ويفضل النار دخل الإنسان ما يسمونه بعصر البخار.”

النار وعصر البخار

وسأله سامح:

“وما هو عصر البخار يا والدي؟”

قال أبوه:

“هو العصر الذي اكتشف فيه الإنسان أن لبخار الماء قوة ضغط هائلة. ولم يكتشف ذلك بطبيعة الحال إلا بعد اكتشافه طريقة إشعال النار لأن الماء إذا وضع على النار ترتفع درجة حرارته حتى يصل إلى درجة الغليان فيتصاعد منه البخار. فإذا كان الإناء الذي فيه الماء مغلقاً بغطاء فإن بخار الماء يدفع هذا الغطاء إلى أعلى بقوة ضغط البخار.”

الانسان يدخل عصر البخار - قصة النار فاكهة الشتاء

وسألته سميرة:

“وإذا كان الغطاء ثقيلًا ماذا يحدث؟”

قال الأب:

“مهما كان الغطاء ثقيلاً فإن قوة ضغط البخار تدفعه إلى أعلى.. ولذلك اخترعوا القاطرة البخارية فقوة ضغط البخار تحرك هذه القاطرة الثقيلة التي تجر من ورائها عربات كثيرة محملة بالناس ومحملة كذلك بالبضائع.”

وقال سامح متعجبًا:

“ألهذا الحد تبلغ قوة ضغط البخار؟”

قال أبوه:

“نعم.. وتستخدم قوة ضغط البخار في إدارة عدد كبير من المصانع.. وبعد عصر البخار هذا دخل الإنسان عصر الكهرباء.”

عصر الكهرباء

وسألت سميرة:

“وما هو عصر الكهرباء؟”

قال الأب:

“اكتشف الإنسان كيف يولد الكهرباء.. لقد كان يرى شرارة البرق الهائلة في السماء أثناء العواصف الرعدية ويتعجب منها.. وكان الناس في العصور القديمة يدفعهم الجهل إلى الاعتقاد بأن البرق تسببه شياطين الغضب فكانوا يختبئون في كهوفهم وهم يرتجفون خوفًا من البرق.”

وأضاف الأب بعد ذلك:

“وبعد أن اكتشف الإنسان الكهرباء تمكن مخترع اسمه (توماس ألفا إديسون) من اختراع المصباح الكهربائي.”

وحين سمع الناس بوجود مصباح لا تطفئه الريح إذا هبت ولا يحتاج إلى زيت كي يشتعل لم يصدقوا ما سمعوه أول الأمر! ثم أصبحت الكهرباء للإنسان ضرورة لا غنى له عنها.

المصدر

قصة النار فاكهة الشتاء – حكايات وأساطير للأولاد – منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر – بيروت

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | تشيكو تامير.. جنرال إسرائيلي وضع خطة اجتياح غزة ويعدّ أخرى للبنان | الموسوعة

Next Post

تعليم الأطفال السلوكيات الاجتماعية

Related Posts