dark

قصة القرصان وصخرة الموت | قصص اطفال

0
(0)

تقدم القصص للأطفال عالماً سحرياً مليئاً بالمغامرات والدروس القيمة، تروي حكايتنا الجديدة للصغار قصة مثيرة عن القرصان الشرير (رالف روفر) وصخرة الموت. والتي تتناول درسًا قيمًا حول أخلاقيات السلوك وعواقب اتخاذ القرارات السلبية.

جدول المحتويات

 

 

بحر كبير

كان أحد رجال الدين الأتقياء يقيم في بيت يشبه الدير. وكان هذا البيت في منطقة هادئة، تقع على شاطئ بحر الشمال.

كان يتردد على هذه المنطقة صيادو الأسماك، الذين كانت قواربهم الصغيرة ترسو على مقربة من ذاك الشاطئ.

وكانت هناك سفن شراعية كبيرة تأتي بين أوقات وأخرى إلى أحد الموانئ القريبة من تلك المنطقة لتفرغ محتوياتها من بضائع مختلفة جلبوها من البلاد والأقطار الواقعة وراء البحار.

واعتاد رجل الدين الطيب – واسمه الأب (آبر بروثوك)، يلقي كل يوم أحد عظة دينية في فناء بيته. فكان صيادو الأسماك وبحارو السفن الشراعية يذهبون ليستمعوا إلى تلك العظات.

صيادو السمك يستمعون إلي نصائح الأب (أبر بروثوك) - قصة القرصان وصخرة الموت

وكان الصيادون يطلبون من الأب (آبر بروثوك) أن يباركهم ويدعو لهم بالتوفيق ليُرزقوا من الله تعالى بالسمك الوفير. والذي يعتبر المورد الوحيد لرزقهم. إذ يأكلون هم وأفراد أسرهم من هذا السمك الذي يُعد الطعام الرئيسي لهم. كما يبيعون جزءًا كبيرًا منه ليشتروا بثمنه ما يحتاجون إليه من ضروريات الحياة الأخرى.

أما تجارة السفن الشراعية التجارية، فكانت رحلاتها البحرية أطول بكثير من رحلات صيادي الأسماك. وكانت تستغرق أيامًا طويلة، قد تمتد إلى شهرين أو ثلاثة أشهر.

والمسافرون بالسفن في البحار والمحيطات يشعرون دائمًا بأنهم قريبون من الله تعالى. إذ إن اتساع البحر الذي يظهر أمامهم كأنه لا نهاية له، يجعلهم يشعرون بعظمة وقدرة الخالق لهذا الكون.

ومن ناحية أخرى، تتعرض السفن الشراعية التي تجتاز البحار والمحيطات إلى شتى أنواع العواصف والأعاصير التي تهدد السفينة الشراعية – مهما كان حجمها – بالغرق وموت كل من يركبها. قد يتمزق القلوع من شدة هبوب الرياح العاصفة، وتتحطم الصواري، فلا تلبث أن تغمرها الأمواج وتغوص بها في القاع.

لذلك، فإن هؤلاء المسافرين كانوا يلجأون دائمًا إلى الصلاة، ويطلبون من الله تعالى أن يكتب لهم السلامة والنجاة.

ولم تكن العواصف هي مصدر الخطر الوحيد على الذين يسافرون في البحار.

كان هناك خطر كبير من سفن القراصنة.

سفن القراصنة في البحر

خطر القراصنة

والقراصنة هم لصوص البحار، وكانوا يركبون سفنًا شراعية متينة وسريعة. كما كانوا مسلحين بأقوى وأفتك أنواع الأسلحة التي كانت معروفة في ذلك الوقت.

إذا أراد أحد هؤلاء القراصنة أن يهاجم سفينة تجارية، أمر رجاله بأن يرفعوا على سفينتهم الراية السوداء.

كانت هذه الراية تصنع من نحاس حالك السواد، وكان يتوسطها – باللون الأبيض – رسم جمجمة بشرية ومن تحتها عظمتان متقاطعتان. ولذلك، كانت هذه الراية تسمى براية الموت.

أما ركاب السفينة التجارية، فإنهم كانوا إذا شاهدوا تلك الراية اللعينة ترفع على سفينة أخرى تقترب من سفينتهم، استولى عليهم الفزع، وسادهم الاضطراب الشديد، وقد يعمى على بعضهم من شدة الخوف. لأنهم كانوا يسمعون دائما عن قسوة هؤلاء القراصنة، وأنهم لا يقتصرون على سلب ونهب باقي السفينة. بل كان يحلو لهم قتل ركابها، أو إيذائهم إيذاء شديدا.

القراصنة تحاول الإستيلاء علي السفن

وكانت السفن التجارية لهذا السبب تحاول أن تفلت من هؤلاء القراصنة بتغيير خط سيرها. ولكن ذلك التغيير كان يجعلها في بعض الأحيان تضل طريقها في المحيطات الشاسعة. وقد تجد نفسها مضطرة إلى الرسو على شواطئ إحدى الجزر المجهولة.

وفي ذلك الوقت، كانت تكثر تلك الجزر المجهولة، ولا سيما في المحيط الهادئ أو المحيط الأطلسي.

والأغلبية العظمى من أهالي هذه الجزر كانوا على درجة كبيرة من الهمجية. فكانوا يهجمون بحرابهم على ركاب أية سفينة ترسو على الشاطئ، وبعد أن يقتلوا كل رجل فيها ينهبون ما بها من بضائع.

كان الأب (ابر بروثوك) يتلقى الكثير من الهدايا عند عودة بحارة السفن التجارية. وذلك مقابل الدعوات التي زودهم بها قبل إبحارهم.

كان الأب (آبر بروثوك) زاهدًا في مظاهر الحياة الكاذبة والخداع. فكان لا يحتفظ لنفسه من هذه الهدايا إلا بجانب صغير منها، ثم يوزع الباقي على الفقراء والمساكين.

صخرة الموت ورحلة البحار

على بعد حوالي عشرة أميال من الشاطئ، حيث كان يقيم الأب (آبر بروثوك)، كانت توجد صخرة ضخمة شديدة الصلابة، تحوم فوقها الطيور البحرية المسماة بطيور النورس.

وكانت طيور النورس هذه تبني أو كارها في شقوق هذه الصخرة.

وحينما يكون بحر الشمال ساكنًا، لا يظهر من الصخرة الضخمة إلا جزء صغير منها. أما إذا جاء المد وارتفعت الأمواج، فإن هذا الجزء الصغير من الصخرة يختفي ولا يُراه أي إنسان.

لذلك كانت الصخرة تشكل خطرًا رهيبًا على السفن الشراعية والتجارية العائدة من رحلتها الطويلة فيما وراء البحار والمحيطات.

كان ربان السفينة لا يرى الصخرة فترتطم بها سفينته ارتطامًا شديدًا يحطم مقدمتها. فتندفع المياه بشدة إلى جوفها ولا تلبث أن تغرق مع ركابها.

وكان غرق مثل هذه المراكب التجارية يعتبر مأساة محزنة، فاجعة لأقارب الركاب الذين نجوا من مختلف المخاطر. ثم ماتوا غرقًا على مقربة من وطنهم بعد الاصطدام بتلك الصخرة اللعينة.

وكثرت حوادث غرق السفن التجارية، ولا سيما في الأيام والليالي العاصفة حين تصبح الرؤية شبه معدومة، فترتطم السفينة بالصخرة.

وكان الأب (ابر بروثوك) يحزن كثيرًا في كل مرة يسمع فيها بإحدى حوادث الغرق.

بحر أزرق وطيور في السماء وصخرة كبيرة

وفكر الرجل الطيب كثيرًا في إيجاد وسيلة تنقذ السفن من التحطم والغرق بمن فيها.

أخيرًا – وبعد تفكير طويل – هداه الله تعالى إلى فكرة طيبة.

فكرة عبقرية

قال في نفسه: “إن السفينة تغرق لأن ربانها لا يعرف موضع صخرة الموت، وقد غمرها ماء المد والأمواج العالية. إذًا، لو تحدد موضع الصخرة، وعرفه الربان، أمكنه أن يبعد سفينته عن الصخرة وينجو من الهلاك.”

وذهب الأب (ابر بروثوك) إلى إحدى الكنائس وشرح للمسؤولين عن الكنيسة الفكرة التي اهتدى إليها. وأخذ من مخزن الكنيسة جرسًا ضخمًا يعجر اثنان من الرجال الأقوياء عن حمله.

وعاونه بعض الرجال في نقل ذلك الجرس إلى الشاطئ الذي يقابل موقع الصخرة.

وعاونه بعض الصيادين في عمل طوافة خشبية كبيرة، وأقام في وسط هذه الطوافة عمودًا متينًا.

وأمر الأب (ابر بروثوك) مساعديه بتثبيت الجرس في قمة العمود. وذلك بأن تربط حلقة الناقوس التي في أعلاه وبواسطة سلسلة قوية من الصلب – بحلقة أخرى تثبت – بأعلى العمود.

كانت فكرة رجل الدين هي وضع الطوافة الكبيرة على الماء وفي موضع لا يبعد أكثر من بضعة أمتار عن الصخرة.

وحتى يضمن رجل الدين عدم ابتعاد الطوافة والجرس عن الصخرة بفعل الأمواج، ربط الطوافة بالصخرة بسلسلة من الصلب.

والتفت إلى أعوانه وقال لهم: “الآن، إذا هبت الرياح واضطربت الأمواج فإن ذلك الجرس الكبير سيدق، وتكون دقاته عالية جدًا لأنه صنع من النحاس كما ترون، وسيعلم بحارة أية سفينة أنهم قريبون من صخرة الموت بمجرد سماعهم طنين الجرس فيبتعدون عن موطن الخطر ويصلون إلى الشاطئ في أمان.”

وأضاف يقول: “أما في الأيام التي لا تعتد فيها الرياح ولا يضطرب سطح الماء، فإن الجرس لن يتحرك تلك الحركة الشديدة التي تجعله يدق دقاته العالية، ونحن على أية حال لسنا بحاجة إلى دقات الجرس في الأيام التي يكون فيها الجو صحوًا والبحر هادئًا، لأن الصخرة لا يغمرها الماء في هذه الأيام ويمكن لربان السفينة وبحارتها أن يروها.”

وكانت الفكرة صائبة.

وتناقل الناس خبر ذلك الجرس، وعلم بأمره كل بحارة السفن التجارية والصيادين.

جرس كبير يحذر السفن - قصة القرصان وصخرة الموت

سرقة الجرس النحاسي

وبالفعل، قلت حوادث غرق السفن وكادت تنعدم لولا بعض الحوادث التي وقعت بسبب تكاثر الضباب الكثيف الذي يمنع الرؤية في يوم هادئ فلا تهز أمواج البحر الطوافة الخشبية هزات يتسبب عنها اهتزاز الجرس فيطلق دقاته الرنانة.

ما من شك في أن سرور الناس كان عظيمًا بفكرة الجرس هذه وازداد حبهم وتقديرهم للأب (آبر بروثوك)، وداع صيته، فكان الناس يحضرون إليه من أقاصي البلاد كي يزوروه ويتبركوا به.

ولكن سرور الناس لم يدم طويلاً.

كان هناك قرصان اسمه (رالف روفر)، وكان رجلا قاسيا لا ضمير له.

لقد رأى (رالف روفر) الناقوس النحاسي الضخم المثبت على عمود فوق الطوافة الخشبية.

كان القرصان قد علم بالسبب الذي وضع هذا الجرس الضخم.

لم يكن ذلك القرصان – بطبيعته الشريرة – يهتم بإنقاذ السفن وأرواح ركابها، كان كل ما يهمه في الدنيا هو الحصول على المال بأية وسيلة كانت.

لذلك، إنه حين رأى الجرس النحاسي الضخم صمم على أن يستولي عليه ليبيعه، غير مكترث بأن عمله هذا سيسبب في إغراق السفن كما كان يحدث من قبل.

وصاح (رالف روفر) في رفقائه: “أنزلوا الزورق إلى الماء، وليركب معي أربعة منكم ليجدفوا حتى نصل إلى هذا الناقوس ونأخذه.”

وسارع رفقاؤه إلى تلبية أمره.

والتفت (رالف روفر) إلى الناقوس وظل يتأمله لبرهة، ثم أصدر أمرا آخر فقال لهم: “أحضروا معكم الفأس، فالجرس مثبت في الطوافة الخشبية بسلسلة من الحديد، والسلسلة مثبتة في الصخرة، ولا بد من كسر هذه السلسلة.”

ووصل (رالف روفر) مع رجاله الأربعة إلى الطوافة الخشبية.

وبواسطة الفأس، تمكن القرصان من تحطيم الحلقة التي تثبت الجرس بالعمود فوق الطوافة الخشبية، كما حطم أيضًا الحلقة الثانية التي كانت مثبتة في الصخرة. واستولى القرصان على الجرس النحاسي، وتعاون هو ورجاله على نقله إلى الزورق، وبعد ذلك جدف الرجال واتجه الزورق نحو السفينة.

وتمكن القرصان من بيع الجرس النحاسي، وقدم ثمنه بينه وبين رفاقه.

ووقعت من جديد حوادث اصطدام السفن بصخرة الموت وغرقها.

عودة حوادث السفن - قصة القرصان وصخرة الموت

نهاية القرصان الشرير

وبعد بضعة أيام كانت سفينة القرصان (رالف روفر) تمر على مقربة من الشاطئ الصخري، وإذا بالسماء تتكبد بالغيوم وتهب ريح عاصفة، ويتكاف الضباب فيجعل الرؤية متعذرة.

صار القرصان يتلفت في كل مكان فلا يرى شيئاً، لأن الضباب جعل الرؤية مستحيلة.

وصارت الرياح العاصفة تدفع سفينة القرصان بقوة نحو صخرة الموت، وهو لا يدري مكانه في ذلك البحر الغاضب المتلاطم الأمواج.

كان القرصان في هذه اللحظات يخشى أن تصطدم سفينته بصخرة الموت، ولكنه لم يكن يعرف مكانها.

وأحس بندم مرير حينما تذكر سرقته للجرس النحاسي الضخم وبيعه.

وقال لنفسه: “آه.. لو كان هذا الجرس موجودًا لسمعنا دقاته، وعرفنا كيف نبتعد عن صخرة الموت اللعينة!”

ولكن ندمه كان بعد فوات الأوان.

لقد حملت الأمواج الصاحبة سفينة القرصان ثم دفعتها بقوة نحو صخرة الموت.

واصطدمت السفينة بالصخرة اصطدامًا هائلًا فتحطمت مقدمتها، واندفع الماء بقوة إلى جوفها، وما هي إلا لحظات حتى ابتدأت تغوص إلى قاع البحر.

وغرقت السفينة.

وغرق معها القبطان الشرير ورفاقه الذين لا يقلون عنه شرًا.

وهكذا تلقى القرصان (رالف روفر) جزاءه فمات غرقًا.

إن الإنسان الذي يسلك طريق الشر، لابد وأن يتلقى عقابه المرير في النهاية.

المصدر

قصة القرصان وصخرة الموت – حكايات وأساطير للأولاد – منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر – بيروت

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | “اليوم التالي” لقمة الويب بقطر.. كيف خانني الذكاء الاصطناعي؟ | تكنولوجيا

Next Post

رييل ستوري | محمد اشتية.. اقتصادي قاد الحكومة الفلسطينية

Related Posts