بينما يسعى الكثير من رواد الأعمال إلى السير على خطى ستيف جوبز أو بيل جيتس أو مارك زوكربيرج اختارت شيلا ليريو مارسيلو؛ مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة شركة Care.com، مسارًا مختلفًا؛ فإلهامها ينبع من شخصيات مثل: كاتنيس إيفردين وسوبر مان، الأبطال الخارقين الذين يواجهون التحديات بشجاعة وعزيمة.

ترى “شيلا” أن الأبطال الخارقين غالبًا ما يُنظر إليهم باستخفاف، بل يتم تجاهلهم في بعض الأحيان، لكنهم جميعًا يمتلكون قوة داخلية هائلة تُمكنهم من تحقيق النصر في النهاية.

وبالنسبة لشيلا، وهي شابة وُلدت في الفلبين؛ اتخذ طريقها كرائدة أعمال مسارًا مشابهًا لمسار الأبطال الخارقين، وواجهت العديد من لحظات الشك من المشككين، وتحديات الحياة التي تغلبت عليها بإصرارٍ ومثابرةٍ فاقت كل التوقعات، فما هي قصة شيلا ليرو مارسيلو؟ وكيف استطاعت أن تُلهم العالم من خلال رحلتها كرائدة أعمال؟

نشأة شيلا مارسيلو

وُلدت شيلا ليريو مارسيلو في الفلبين عام 1970م، وسط عائلة نسجت خيوط النجاح في مجال ريادة الأعمال، انطلقت أعمالهم من مصانع جوز الهند، مرورًا بمزارع المانجو والموز، وصولًا إلى النقل وإنتاج الفحم، تاركين بصمة بارزة في عالم المال والأعمال.

وفي مطلع الربع الثاني من عام 1977م حطت شيلا وعائلتها رحالهم في هيوستن؛ حيث افتتحوا أحد أول متاجر ومطاعم البقالة الآسيوية في المنطقة، كانت شيلا آنذاك في ربيع عمرها السابع، تتكلم الإنجليزية بطلاقة، فأوكلت إليها مهمة الرد على الهاتف وتلقي الرسائل، وغرس العمل العائلي في وجدانها روح المبادرة، وبيّن لها كيف تُصنع الإنجازات الكبيرة من التفاصيل الصغيرة.

رحلة شيلا نحو دراسة القانون

على خطى آبائها الفلبينيين سارت شيلا نحو دراسة القانون، والتحقت بكلية الحقوق في جامعة هارفارد، حاملةً حلمًا عظيمًا، لكنها قررت تأجيل رحلتها في دهاليز القانون لتنخرط في العمل مستشارة في التقاضي، كان هذا المنصب بوابة عبور إلى عالم التكنولوجيا؛ ففتحت عينيها على شغف جديد، وأدركت أن مجال عملها الحقيقي هو إدارة الأعمال وليس القانون.

تحديات شيلا في تحقيق التوازن

وفي مطلع الربع الثالث من عام 1995 عادت شيلا إلى “هارفارد”، هذه المرة بكامل قوتها ووعيها، ومعها حلم مزدوج: القانون وإدارة الأعمال، لم تكن رحلتها سهلة؛ فقد وصلت إلى هارفارد وهي أم لطفل صغير، تحمل على عاتقها مسؤوليات جمة.

واجهت شيلا وزوجها ضغوطًا هائلة في محاولة التوفيق بين العمل والدراسة ورعاية الأسرة، لكن إصرارهما كان أقوى من كل التحديات.

إنجازات شيلا مارسيلو الأكاديمية

تخرجت شيلا بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف في كلية ماونت هوليوك بدرجة في الاقتصاد، وحصلت على درجتي ماجستير إدارة الأعمال ودكتوراه في القانون، مع مرتبة الشرف وجائزة العميد من جامعة هارفارد.

انطلاق مسيرة شيلا المهنية

في عام 2006 انطلقت رحلةُ مارسيلا راموس المهنية نحو آفاق واسعة؛ حيثُ انضمت إلى برنامجِ رواد الأعمال في شركة Matrix Partners، لتُصبح بذرة مشروع طموح يُزهر لاحقًا في ظلال بيئة حاضنة للأفكار المبدعة.

كان همُّها الأول كأم عاملة إيجاد حلول عملية لرعاية أطفالها الصغار ووالديها المسنين؛ فكانت فكرة موقع Care.com بمثابة شعاع نورٍ يضيءُ طريقها نحو المستقبل.

التحول إلى أكبر سوق إلكتروني

منذُ تأسيس الموقع عام 2006م حولتهُ مارسيلا إلى أكبر سوق إلكتروني في العالم لرعاية للأطفال والحيوانات الأليفة وكبار السن؛ إذ ضمت شبكة الشركة أكثر من 35 مليون عضو في أكثر من 20 دولة حول العالم.

وبفضل إنجازاتها الاستثنائية انضمت مارسيلا إلى قائمة رائدات الأعمال المُلهمات، لتصبح واحدة من 22 امرأة فقط أسسن شركات حققت الاكتتاب العام الأولي.

تحطيم الحواجز

بينما يغري الكثيرين بريق رأس المال المخاطر تُدرك شيلا ليرو مارسيلو أنّه ليس حلًا سحريًا لكلّ شركة ناشئة؛ ففي رحلتها لجمع التمويل لشركتها واجهت توقعاتٍ صعبة؛ من تحقيق إيراداتٍ هائلة في زمنٍ قصير إلى إثبات قدراتها في عالمٍ يهيمن عليه الرجال.

لكنّ إصرارها لم يُهزم، ووضعت نصب عينيها هدفًا واضحًا؛ وهو إيجاد فرصةٍ سوقية ضخمة تُحقق النجاح لشركتها، ونجحت في بناء فريقٍ مُحترف، مُدركةً أهمية الخبرة في تحقيق النجاح.

ولم تتوقف طموحات شيلا مارسيلو عند حدود شركتها فسعت إلى دعم رائدات الأعمال، وبدأت بناء شبكة علاقاتٍ مع مستثمراتٍ؛ إيمانًا منها بقدرتهنّ على تقديم منظورٍ مختلف ودعم مهم.

ولم تُخجل شيلا من مواجهة التحديات، حتى تلك التي تُقلّل من شأنها؛ ففي أحد اجتماعات المستثمرين خُلط بينها وبين مساعدة لكنّها ردت بكل احترام ولباقة، مُثبتةً قدراتها وإنجازاتها.

جوائز وتكريمات

لم تتوقف إنجازاتها عند هذا الحد فحظيت بتكريم واسع من العديد من المؤسسات المرموقة، ونالت جائزة أفضل 40 رائد أعمال تحت سن 40 عامًا من صحيفة Boston Business Journal، وجائزة أقوى 10 رائدات أعمال نساء من مجلة Fortune، وجائزة أقوى 10 نساء بمجال التكنولوجيا في بوسطن من صحيفةِ The Boston Globe.

ولم يكن تكريمها من قبل بلدها الأم أقل أهمية؛ حيث مُنحت عام 2014 جائزة “بانانا نغ بيليبينو” من الرئيس بينينو أكينو الثالث؛ تقديرًا لتميزها في مجال عملها.

دروس مستفادة:

• -لا تخجل من طموحاتك، واجعل هدفك واضحًا أمامك.
• -اجمع فريقًا محترفًا يُساعدك في تحقيق أهدافك.
• -لا تتردد في طلب المساعدة والدعم من الآخرين.
• -واجه التحديات بكل ثقة واحترام.
• -كُن قدوةً يُحتذى بها، وساعد الآخرين في تحقيق أحلامهم.

تُجسد مسيرةُ مارسيلا راموس قصة نجاح مُلهمة تشعل جذوة الطموح في نفوس رواد الأعمال، وتُثبت قدرة المرأة على تحقيق إنجازات استثنائية تُغيّر العالم نحو الأفضل.