dark

رييل ستوري | لي بيونج تشول.. حكاية حلم وكفاح حولت كوريا إلى قوة تكنولوجية

0
(0)

في سيول الصاخبة، عاصمة كوريا الجنوبية، تفتحت زهرة طموح استثنائي في قلب رجل يدعى “لي بيونج تشول”، حكاية بدأت بذرة صغيرة نبتت من رحم التحديات لتزهر إمبراطورية اقتصادية عاتية، تُعرف اليوم باسم “سامسونج”، فمن هو لي بيونج تشول؟

نشأة مفعمة بالطموح

في الثاني عشر من فبراير عام 1910م وُلد لي بيونج تشول في قرية صغيرة بمدينة ويريونج الكورية، حاملًا في داخله بذرة نجم ينتظر الشروق. نشأ في عائلة ثرية تنتمي إلى طبقة النخبة تملك أراضي زراعية ومصانع لإنتاج الأرز، وبلا شك ساهمت هذه النشأة الفريدة في تنمية شعوره بالمسؤولية والطموح منذ صغره.

التعليم بوابة للعالم

في مطلع الربع الثاني من عام 1925 التحق لي بيونج تشول بمدرسة كيونججي التجارية الثانوية في سيول؛ حيث درس التجارة والاقتصاد، وأظهر نبوغًا فريدًا، وتميز بذكائه وروحه المبادرة.

وفور تخرجه من المدرسة التحق بجامعة واسيدا العريقة في طوكيو، اليابان، لدراسة القانون، هناك انفتح ذهنه على آفاق عالمية جديدة، وتعرف على ممارسات تجارية متقدمة، واطلع على ثقافات مختلفة.

سامسونج سانج هوي

مع بداية عام 1938م عاد “تشول” إلى وطنه حاملًا معه حلمه الكبير، حلم تجسد في شركة صغيرة حملت اسم “سامسونج سانج هوي”، وتعني كلمة “سامسونج” باللغة الكورية “ثلاثة نجوم”، وركزت الشركة في بداياتها على تصدير الفواكه والخضراوات والأسماك المجففة إلى الصين ومانشوريا.

وواجهت شركة “سامسونج سانج هوي” صعوبات جمة خلال الحرب العالمية الثانية لكن لي بيونج تشول لم يستسلم بل واصل العمل بإصرار وعزيمة لا تلين.

إرادة قوية

مع اندلاع الحرب الكورية عام 1950م واجه “تشول” تحديات جسيمة كادت أن تطفئ نجومه الثلاثة؛ حيث دُمرت مصانع سامسونج وتعرضت أصولها للنهب، واضطر إلى مغادرة كوريا مؤقتًا، لكنه لم يتخل عن طموحه، بل واصل العمل من الخارج لإعادة بناء سامسونج.

إعادة إعمار الشركة

بعد انتهاء الحرب الكورية عاد لي بيونج تشول مرة أخرى إلى كوريا عام 1953م متحمسًا لإِعمار بلاده وإعادة بناء سامسونج، ركز على مجالات جديدة مثل: المنسوجات والأسمدة والسكر والورق، وفي عام 1954م أسس شركة تشيل جيدانج، لتصبح نقطة تحوّل رئيسية في مسيرة سامسونج نحو التوسع في قطاعات جديدة خارج التجارة.

سامسونج للإلكترونيات

في الستينيات بدأت سامسونج تنويع أنشطتها بشكلٍ كبيرٍ، ودخلت مجالات جديدة مثل: الإلكترونيات والبتروكيماويات وبناء السفن، وكان لي بيونج تشول مُؤمنًا بإمكانيات هذه المجالات، وسعى لجعل سامسونج شركة عالمية رائدة.

خطوات حثيثة نحو العالمية

في ثمانينيات القرن الماضي اتخذت سامسونج خطوات حثيثة نحو العالمية، رافعة شعار الابتكار والتميز، وخصصت الشركة جزءًا كبيرًا من ميزانيتها للبحث والتطوير، إيمانًا منها بأن الابتكار هو الركيزة الأساسية للنمو والتقدم.

وتحت قيادة لي كون هي، خليفة لي بيونج تشول، شهدت سامسونج تحولًا هائلًا؛ حيث دخلت سوق الهاتف المحمول في أواخر الثمانينيات، وفتحت أبوابها لصناعة الهواتف الذكية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وبرزت سلسلة هواتف جالاكسي كعلامة بارزة في عالم التكنولوجيا، ونالت ثقة الملايين حول العالم؛ لتؤكد مكانة سامسونج كمنافس رئيسي في هذه الصناعة.

لم تتوقف مسيرة سامسونج عند حدود الهواتف الذكية بل اتجهت نحو قطاع تكنولوجيا العرض؛ حيث أصبحت رائدة في تصنيع مختلف أنواع الشاشات، مستخدمة تقنياتها المبتكرة في أجهزة التلفزيون والشاشات والهواتف الذكية وغيرها، ومع مرور الزمن تحولت إلى تكتل ضخم يضم شركات فرعية متنوعة، تشمل: الإلكترونيات الاستهلاكية وأشباه الموصلات والهواتف المحمولة وغيرها، تاركةً بصمة واضحة في عالم الأعمال.

مسؤولية اجتماعية وحس إنساني

لم يكن لي بيونج تشول مجرد رجل أعمال ناجح بل كان رجلًا ذا حس إنساني عال ومسؤولية اجتماعية كبيرة؛ ففي عام 1965م أنشأ مؤسسة سامسونج إيمانًا منه بأهمية دعم المجتمع؛ حيث قدمت المؤسسة الدعم للعديد من الأنشطة الخيرية والتعليمية.

وكان إيمان “لي” بالتعليم راسخًا؛ إذ اعتبره حجر الأساس لتقدم كوريا الجنوبية؛ فبنى مؤسسة سامسونج للمنح الدراسية لتقديم الدعم للطلاب الموهوبين والسعي لتمكينهم من تحقيق أحلامهم.

لم تتوقف مبادرات سامسونج عند حدود كوريا الجنوبية بل امتدت لتشمل دعم جهود الإغاثة في حالات الكوارث والبرامج الصحية على مستوى العالم.

إرث خالد

توفي لي بيونج تشول عام 1987م، تاركًا إرثًا عظيمًا من الابتكار والرؤى، وتُعد سامسونج اليوم واحدة من كبرى الشركات في العالم، وهي رمز للنجاح والتميز.

دروس مستفادة:

  • من رحم التحديات تنبثق الرؤى العظيمة

تجسّد قصة لي بيونج تشول؛ مؤسس شركة سامسونج، ملحمة ملهمة تزهر فيها بذور الطموح لتثمر إمبراطورية عالمية؛ فمنذ فجر حياته واجه صعوبات جمة، بدءًا من الغزو الياباني لكوريا إلى الحرب الكورية المدمرة، ناهيك عن التحديات الاقتصادية التي واجهت بلاده.

  • الصمود شعلة تضيء دروب النجاح

لم تُثن هذه التحديات عزيمته بل غذت روح الصمود والإصرار التي تميزه؛ فمع كل عقبة واجهها برزت قدرته الفريدة على التكيف والابتكار، مُحوّلًا الأزمات إلى فرص للنمو والتطور.

  • الابتكار محرك أساسي للنجاح

لم يتوقف “لي” عند حدود التجارة التقليدية بل آمن إيمانًا راسخًا بأهمية الابتكار كمحرك أساسي للنجاح؛ فكان له الفضل في تحويل سامسونج من شركة تجارية صغيرة إلى تكتل عالمي يُنافس كبرى الشركات في مجالات شتّى، بدءًا من الإلكترونيات إلى الصناعات الثقيلة.

  • الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية

لم يقتصر اهتمام “تشول” على النجاح التجاري فقط بل سعى جاهدًا لبناء إرث يخلد ذكراه كقائد مُلهم؛ فحرص على غرس القيم والأخلاق الحميدة في مؤسسته، وجعل المسؤولية الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من رسالتها.

  • من الماضي نستلهم مستقبلًا أكثر إشراقًا

تُمثل قصة لي بيونج تشول درسًا بليغًا للأجيال القادمة؛ فهي تؤكد أهمية الرؤية الثاقبة والعزيمة الصادقة في تحقيق النجاح، كما تذكرنا بأن الابتكار والمسؤولية الاجتماعية هما ركيزتان أساسيتان لبناء مستقبل أكثر إشراقًا.

وفي النهاية يُمكن القول إن قصة لي بيونج تشول تُعد بمثابة حكاية ملهمة تشعل جذوة الطموح في نفوس رواد الأعمال وقادة المستقبل، وتُؤكد أن الإيمان بالنفس والإصرار على تحقيق الأحلام هما مفتاح النجاح الحقيقي.

 

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

شروط وعقوبة رفع دعوى سب وقصف

Next Post

عقوبة سرقة العلامة التجارية

Related Posts