dark

قصة النار الجائعة | قصص اطفال

0
(0)

إليك هذه القصة للأطفال ذات المحتوي التعليمي في أسلوب شيق ومسلي، والتي يتعلم فيها الصغار خطورة النار الجائعة التي لا تشبع بل تطلب الطعام بلا هوادة خلال حوراها مع الفحم والحطب والحديد وأخيراً المياه.

 

تأكل باستمرار

إن النار التي نضرمها في المطبخ تبقي دائماً جائعة، فكلما وضعنا الحطب في الموقد يشتعل ويتصاعد منه الدخان حتى يصل إلى سقف المطبخ وهكذا تأكل النار الحطب الذي نضعه في برهة وجيزة من الزمن، كأن لسان حالها يقول: “هاتوا المزيد، هاتوا المزيد”.

غريبة هذه النار التي تظل تطعم ولا تشبع، وحينما لا تجد من يغذيها، تهيب بالخادم لأن يقدم لها ما هي بحاجة إليه. وما حاجتها إلا المزيد والمزيد من الوقود ومن الحطب والفحم وجذوع الأشجار.

وكثيراً ما كان الخادم توفيق ينام بعد أن يشعل النار في الموقد. فيستيقظ على صوت يناديه ويكون هذا صوت الموقد الملحاح في الطلب والمحتاج أبدا إلى الحطب.

إنها النار الجائعة التي ما شبعت يوماً ولن تشبع وينهض توفيق ليضع في النار حفنة جديدة ثم يعود إلى النوم. ويعود الموقد فيوقظه من نومه لكي يقدم للنار مرة أخرى بعد أن تكون قد أكلت كل الذي قدمه إليها قبل أن ينام.

وهكذا دواليك وحالة توفيق على ما هي عليه من القلق والتبرم فالملالة …

كانت قطع الحطب ترتجف وتخاف كلما مد توفيق يده إليها ليأخذ منها طعاما للنار، وكانت كل واحدة تبكي وتندب حظها. ولم يكن حظ الواحدة بأحسن من حظ الأخرى لأن مصيرها جميعا كان إلى الهلاك بعد أن يقدمها توفيق طعاما للنار.

الجدة تحكي قصة النار الجائعة لأحفادها أمام المدفئة

الفحم والحطب

في أحد الأيام، بقي في الصندوق قطعة فحم وحطب وغصن شجرة واحد، بعد أن قدم توفيق كل ما كان في الصندوق من الفحم والحطب وغصون الأشجار للنار. نظرت القطع إلى حالتها البائسة وندبت حظها، فتأكدت من أن مصيرها الهلاك قد أصبح وشيكًا.

قالت قطعة الفحم: “لا يوجد من يمكن مساعدتنا إلا قضيب الحديد الذي يحركه به توفيق النار. إذا قبل بمساعدتنا، قد نخلص من الموت الذي لا يرحم ولا يشفق”.

تطلعت جميعهن إلى توفيق ووجدوه نائمًا.

فقالت إحداهن للأخرى: “إذًا، الفرصة مفتوحة أمامنا، نادي قضيب الحديد”. فنادته إحداهن، فجاء هذا يركض نحوها، مستغربًا لأنها كانت المرة الأولى التي يسمع فيها هذه الأشياء تكلمه.

توفيق يحضر المزيد من الحطب إلي النار الجائعة في المدفئة

وقال في نفسه: “ترى ماذا تريد مني؟”

كان غصن الشجرة أول من سلم على قضيب الحديد، وبعدها سلمت قطعة الخطب. لكن القضيب وقف محتارًا، لا يعرف ماذا كانت تقصد من وراء سلامها. وقال: “ما الحكاية؟ أخبروني ماذا تردن مني؟”

عندئذ بدأت قطعة الفحم بحزن وقالت: “أنت تعرف أن النار أكلت جميع إخوتي وأخواتي وعمتي وخالاتي، وقريبًا سيأتي دورنا، فما عسى أن يكون مصيرنا إلا كتلك النهاية التي لا رحمة فيها ولن تشفق”.

وقاطعتها قطعة الحطب وقالت: “هل تستطيع أن تخلصنا من شر النار الآكلة؟ ترجوك أن تساعدنا”. بكى قضيب الحديد وهو يستمع إلى كلام هؤلاء الثلاثة اللاتي كنّ ينتظرن مصيرهن في النار. ثم رفع رأسه وقال: “من المؤسف أني لا أستطيع مساعدتكن، ولكن سأحاول قدر استطاعتي”.

قطع الخشب والفحم تتناقش في حل المشكلة

قال قضيب الحديد ذلك وعاد إلى مكانه، وصار يتطلع حوله. رأى توفيقًا نائمًا وفكر في سحبه ورميه في النار ليتخلص منه وترتاح القطع والأشجار. هتف الجميع بفكرة القضاء على توفيق. اتفقت المكنسة مع الملقط لمساعدة قضيب الحديد في سحب توفيق إلى النار حالما يستيقظ.

استمرار النقاش بين الفحم والخشب

مازالت النار جائعة

وبعد لحظات، ارتفع صوت النار تطلب المزيد من الطعام. ونادت توفيق الكسلان حتى يناولها المزيد من الفحم أو الحطب. استيقظ توفيق وسأل النار: “هل أنت جائعة؟ حسنًا، انتظري قليلاً حتى آتي لك ببعض الفحم”. صاح قضيب الحديد: “هيا بنا”. سارعت المكنسة والملقط لمساعدة قضيب الحديد على حمل توفيق ليتم رميه في النار. رفضت النار قائلة بأن لحم توفيق لا ينفعها، ولكن هؤلاء لم يكونوا على استعداد لسماع كلامها وألقوا به في النار فأكلته.

قطع الفحم والخشب ترمي الخادم توفيق داخل النار الجائعة

أخيرًا، شعرت النار بالجوع من جديد وصرخت: “من منكم يريد أن يقدم لي بعض الطعام؟” رد قضيب الحديد: “لا أحد…”

فحينها هددت النار بأنها ستحرق البيت وتحرقها معه، لكنها ردت عليها ساخرة بأن تفعل ما تشاء وما تريد، إذا كان بوسعها أن تحرق البيت.

وفجأة، دخلت المياه إلى المطبخ، وكان منظرها كافيًا لتسكت النار عن التهديد.

شجاعة المياه

انتبهت المياه إلى الحضور وقالت: “هل لي أن أساعدك في شيء يا أخواتي؟” ردت جميعهن بصوت واحد: “نرجوك أيتها الأخت الحبيبة أن تسرعي في إطفاء هذه النار التي لا يعرف قلبها الرحمة ولا الشفقة، فتستريح وتريحنا إلى حين. إنها قد قضت على كل أهلنا وأقاربنا وهي الآن جادة لأن تلتهمنا، وحتى لو التهمتنا وغيرنا مهما كان العدد فلن يدركها الشبع ولن تكف عن الطلب، طلب المزيد.”

وهكذا رقت المياه لحال تلك البائسات، وتقدمت بقوة واندفاع شديدين لإطفاء النار وخلصت الجميع من شرها.

ودع الفحم والحطب وأغصان الأشجار شاكرين للمياه حسن صنيعتها ومعروفها الذي لا يُنسى. انطلقوا يرقصون ويغنون لأن القدر هيأ لهم فرصة الخلاص من حقد النار التي لا ترحم.

ضرر وخسارة

وفي اليوم التالي، حضر صاحب المنزل ووجد الموقد في حالة بائسة، مليئًا بالرماد. ووجد المنزل باردًا لدرجة لا تُطاق. ففكر في نفسه قائلًا: “أرى أن فائدة هذا الموقد قد انتهت، وأنا قليلاً ما أكون في المنزل خلال الشتاء. فهدمه أولى من بقائه، فمنه غير الضرر والخسارة.” هدمه ووضع مكانه فرن غاز، فلا دخان ولا ما يلوث الجدران وسقف الغرفة بلونه الأبيض الجميل بدلًا من اللون الأسود القبيح.

وهكذا، تأتي النظافة كما يقال: “من الإيمان وأن نرتاح ولا نكدر الآخرين مسببين لهم التعاسة، خير وأجدى…”

المصدر

قصة النار الجائعة – حكايات وأساطير للأولاد – منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر – بيروت

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | افتتاح أول جامع أنشئ بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم بجدة

Next Post

رييل ستوري | ألكسندرا كولونتاي أول وزيرة وسفيرة في التاريخ الحديث | الموسوعة

Related Posts