dark

قصة أندرو كلاس والأسد | قصص اطفال

0
(0)

قصة أندرو كلاس والأسد هي إحدى القصص الشيقة الموجهة للأطفال، تتناول تجربة فريدة ومثيرة حيث يقع أندرو كلاس، العبد الفارّ، في مواجهة مصيره المحتوم أمام أسد جائع. تتميز هذه القصة برسالة قوية حول الصداقة والإنسانية، حيث يظهر الأسد كرفيق غير متوقع ومفاجئ، ينقلب السياق المألوف للروايات الكلاسيكية.

 

هذه القصة من أشهر القصص الرومانية، وقد عالجها أكثر من مؤلف قصصي، كان منهم الفيلسوف الإيرلندي الراحل (جورج برنارد شو) كما أنها أخرجت في أكثر من فيلم سينمائي. والقصة في مغزاها تهدف إلى أن الحيوان قد يكون أكثر اعترافًا بالجميل من الإنسان الأناني، كما أنها تثبت أن العمل الطيب له جزاؤه الطيب مهما طال الزمن، وتؤكد غالبية المؤلفين أن هذه القصة واقعية حدثت فعلاً وأنها ليست مجرد خيال.

حياة العبودية

كان الرق في الإمبراطورية الرومانية أمرًا عاديًا لا يستنكره الرومانيون.

والرق هو تحويل أسرى الحروب إلى عبيد يباعون في الأسواق كما تباع الماشية.

وكان الرجل الروماني إذا اشترى عبدا من العبيد أصبح مالكًا له، يتصرف فيه كيفما شاء. فإذا ضربه ضرباً مبرحاً أو قتله لا يسأل عن ذلك، فالعبد كان لا يختلف عن الحيوان في شيء.

وكان في مدينة روما عبد اسمه (أندرو كلاس)، شاء سوء طالعه أن يشتريه رجل روماني بالغ القسوة، فكان يجلده بالسوط لأتفه الأسباب، وكان يقيد يديه وقدميه بالحبال ويتركه عاريا في زمهرير البرد دون طعام أو شراب، فإذا تأوه (أندرو كلاس) من شدة ما يعانيه من آلام، وضع الروماني سيخاً من الحديد في النار حتى إذا ما احمر، صار يكوي جسد أندرو كلاس غير مكترث لصيحات المسكين أو لتوسلاته واستعطافه.

وتحمل (أندرو كلاس) كثيرا من الآلام.

كان يفكر في الهرب…

ولكن، أين يذهب…

كان يعلم أن العبد الهارب من سيده إذا قبض عليه فإنه يحكم عليه بالإعدام.

ولم يكن إعدام العبد الهارب بالسيف.

كان الرومانيون يعدمون أمثال هؤلاء العبيد بطريقة وحشية.

السيد يقوم بتعذيب العبد أندرو كلاس

كانوا يحضرون العبد المحكوم عليه بالإعدام إلى ساحة متسعة تحيط بها مقاعد مرتفعة تتسع لمئات من الرومانيين، ثم يفتحون باباً جانبياً يفضي إلى تلك الساحة ليخرج منه أسد كانوا قد جوعوه، فما يكاد الأسد يرى العبد المسكين حتى يندفع نحوه ليفترسه وينهش لحمه والرومانيون يستمتعون برؤية هذا المشهد اللاإنساني الرهيب.

كان (أندرو كلاس) كلما فكر في الهرب من سيده القاسي يتذكر ذلك المصير المفجع فيعدل عن فكرة الحرية، ويستسلم للعذاب من سيده.

وعندما اشتد به العذاب، رأى أن الموت أفضل ألف مرة من تلك الحياة التي كان يعيشها، ولذلك قرر الفرار من بيت سيده، فإذا قبضوا عليه وألقوه لأحد الأسود ليفترسه، مات واستراح من طول العذاب.

نجح (أندرو كلاس) في الهروب من بيت سيده في إحدى الليالي.

وسار في طرقات مدينة روما خائفًا يتلفت يمينًا ويسارًا خشية أن يلمحه أحد.

ولكن أين يذهب؟

الهروب إلى الغابة

ظل هائمًا على وجهه طوال الليل، وشعر بالجوع والعطش.

ولكنه تناسى جوعه وعطشه لأن الحرية الشخصية أثمن من الطعام والشراب.

وأخيراً انتهى به السير إلى أطراف مدينة روما، ووجد نفسه على مشارف إحدى الغابات الكثيفة التي كانت على مقربة من مدينة روما في ذلك الوقت.

كان منظر الغابة في الليل موحشًا يبعث الرهبة في القلوب.

وسمع (أندرو كلاس) عواء الذئاب الجائعة وزئير الأسود المفترسة، ولكنه لم يفكر في العودة إلى روما التي لاقى فيها صنوفًا عديدة من العذاب.

وقال (أندرو كلاس) لنفسه: “خير لي ألف مرة أن أعيش بضع ساعات حرًا ثم أموت بعد ذلك، من أن أعيش سنوات طويلة عبدًا ألاقي العذاب والمذلة.”

واتجه في خطوات ثابتة نحو الغابة الموحشة.

كان القمر في تلك الليلة بدراً، ولكن السحب الداكنة كانت تحجب نوره بين آونة وأخرى، فكان أندرو كلاس يتحسس طريقه بين أشجار الغابة في حرص شديد.

كان يبحث عن كهف أو مغارة يأوي إليها لأنه خشي أن ينام في العراء فيصبح فريسة سهلة لأي وحش من وحوش الغابة.

وأطل ضوء القمر خلال فرجة من السحاب، فأضاء الغابة، ورأى (أندرو كلاس) عن بعد بقعة صخري تتخللها فتحات داكنة اللون فأسرع إليها وقد استنتج أن تلك الفتحات ربما كانت كهوفًا أو مغارات.

أندرو يهرب من شدة التعذيب

وصدق ظن (أندرو كلاس)، كان في ذلك المكان الصخري أكثر من كهف.

ودخل (أندرو كلاس) أحد هذه الكهوف.

كان الكهف ضيقًا ولكنه بدا في عيني (أندرو كلاس) أكثر رحابة من قصر سيده الفظ القاسي.

ما كاد (أندرو كلاس) يدخل الكهف حتى أحس براحة عميقة فتنهد في ارتياح، وشعر بتخاذل عضلاته وبحاجته الكبيرة إلى النوم بعد ذلك المجهود الشاق الذي بذله عقب هروبه من بيت سيده.

خطر له أن يخرج من الكهف لكي يبحث عن أي شيء يأكله، أو ينقب عن جدول أو عين ماء يروي بها ظمأه، ولكن حاجته إلى النوم والراحة كانت أعظم من حاجته إلى الطعام أو الشراب.

لقاء أندرو كلاس والأسد

وأخيراً استلقى (أندرو كلاس) على الأرض، وأغمض عينيه وهو يقول لنفسه: “هذه أول ليلة منذ استعبادي أنام فيها وأنا لا أخشى أن أستيقظ على ضربات سوط ذلك الرجل الروماني الذي كان لا يوقظني إلا بهذه الطريقة الوحشية.”

ولم تمض لحظات قليلة حتى كان (أندرو كلاس) قد استسلم للنوم العميق.

مرت ساعات الليل..

لم يشعر (أندرو كلاس) إن كانت ساعات الليل هذه طويلة أو قصيرة، فقد كان مستغرقا في نوم هادئ عميق لم يستمتع بمثله منذ سنوات طويلة.

واستيقظ (أندرو كلاس) في فجر اليوم التالي…

استيقظ على صوت مزعج رهيب أثار دهشته وخوفه وفتح (أندرو كلاس) عينيه وتلفت حوله..

كان نور الفجر قد تسلل إلى الكهف وأضاءه بعض الشيء..

وكانت فوهة الكهف أكثر إضاءة من داخله..

ما كادت عينا (أندرو كلاس) تستقران على فوهة الكهف حتى تجمد الدم في عروقه، وسرت في جسده قشعريرة شديدة، وصارت أسنانه تصطك ببعضها رغمًا عنه.

لقد رأى بباب الكهف أسدًا ضخمًا يرفع رأسه الكبير ويكشر عن أنيابه ويطلق زئيره المخيف الذي كان تجويف الكهف يردد صداه فيزيده رهبة على رهبته!

أيقن (أندرو كلاس) من أن نهايته قد قربت، وأنه سيذوق الموت بعد لحظات معدودات.

إن الأسد سيفترسه بلا شك!

وبذل (أندرو كلاس) كل ما في وسعه للسيطرة على أعصابه المضطربة، وصار يحدث نفسه بأن الموت – مهما كانت وسيلته – أرحم بكثير من حياة العذاب التي كان يحياها.

أندرو يغلبه النوم تحت ظل شجرة

وبعد لحظات مخيفة من الترقب والانتظار، رأى (أندرو كلاس) الأسد الضخم يدخل إلى الكهف وهو ما زال يطلق زئيره المخيف.

ولكنه لاحظ أن الأسد يتقدم نحوه وهو يسير على مهل وقد رفع قدمه اليسرى الأمامية عن الأرض ولا يقوى على أن يجعلها تحمل وزنه.

وأدرك (أندرو كلاس) أن تلك القدم اليسرى تؤلم الأسد ألمًا شديدًا.

ولكن ذلك لم يخفف من خوفه.

لقد لبثت عيناه متحجرتين على الأسد وهو يقترب منه، وخيل إليه أنه يسمع دقات قلبه بأذنيه كأنها دقات الطبول.

أندرو كلاس يساعد الأسد المصاب

ويبدو أن الأسد كان ممتلئ البطن، ولم يكن يشعر بالجوع. والمعروف عن الأسد أنه لا يؤذي إنسانًا أو حيوانًا إذا لم يكن في حاجة إلى الطعام، ولذلك أسموه ملك الغابة.

واقترب الأسد من (أندرو كلاس).. ثم وقف أمامه حتى أحس (أندرو كلاس) بأنفاس الأسد الحارة وهي تلفح بشرة وجهه.

ومرت لحظات كان خلالها (أندرو كلاس) يحملق بعينيه في وجه الأسد وكأنه يسأله: “لماذا لا تفترسني؟”.

وقدم الأسد رأسه من رأس (أندرو كلاس) ثم صار يلعق جبهته بلسانه الخشن. وطأطأ الأسد رأسه وهو يرفع قدمه اليسرى أمام عيني (أندرو كلاس).

ونظر الرجل إلى مخالب تلك القدم في خوف شديد، ولكنه لاحظ أن أحد هذه المخالب الرهيبة ملوث بالدم.

ورأى (أندرو كلاس) شوكة كبيرة غائرة بين أسفل أحد هذه المخالب وبين اللحم. فأدرك أنها تؤلم الأسد ألمًا شديداً، وأنها السبب فيما كان يطلقه من زئير.

وأشفق (أندرو كلاس) على الأسد، إذ لا يشعر بالمعذبين إلا من ذاق الألم من قبل.

وأمسك (أندرو كلاس) بطرف الشوكة وصار يعالجها والأسد يحك رأسه في كيفه ثم جذبها وأخرجها.

وأحس الأسد بالراحة…

وصار الأسد يجري في داخل الكهف في مرح وكأنه جرو صغير.

وكان كلما مر بالرجل أحنى رأسه ليلعق بلسانه يديه أو جبهته كأنه يشكره على الجميل الذي أسداه إليه…

وذهب عن (أندرو كلاس) الخوف شيئاً فشيئاً، حتى تأكد من أن الأسد لا يريد به أي سوء.

وأحب الأسد (أندرو كلاس) حباً شديداً، فكان يرقد إلى جواره. كما كان يحضر له لحوم بعض الغزلان التي يصطادها. ويرافقه إذا خرج من الكهف ليبحث عن بعض الثمار أو ليشرب الماء من جدول قريب.

أندرو كلاس يساعد الأسد المصاب

وأحس (أندرو كلاس) لأول مرة في حياته بمتعة الصداقة المخلصة. وتمنى لو أنه قضى بقية عمره مع ذلك الأسد الوفي الأمين.

وفي أحد الأيام شعر (أندرو كلاس) بوحشة غريبة حينما لبث ينتظر حضور الأسد إلى الكهف ولم يحضر.

ومرت أيام عديدة دون أن يحضر الأسد كعادته إلى الكهف؟ …

ماذا حل به؟ …

القبض علي العبد الهارب

خرج (أندرو كلاس) من الكهف ليبحث عن صديقه الحبيب في أرجاء الغابة.

وتصادف مرور بعض الجنود الرومانيين الذين لمحوه وعرفوا أنه عبد هارب فطاردوه حتى تمكنوا أخيراً من إلقاء القبض عليه.

وصدر عليه الحكم بالإعدام.

ولما حان موعد تنفيذ الحكم، احتشد الناس المشاهدة ذلك العبد وهو يلاقي حتفه بعد أن يفترسه أحد الأسود.

وكان من عادة الرومان أن يحبسوا ذلك الأسد ويجوعوه ثم يطلقوه على العبد المحكوم عليه بالإعدام.

وأدخلوا (أندرو كلاس) إلى الساحة، ثم فتحوا بابا جانبيا لأسد يتضور جوعًا…

واندفع الأسد من الباب، وما كاد يرى (أندرو كلاس) حتى قطع المسافة التي تفصلهما في وثبتين أو ثلاث وثبات وهو يزار زئيرا مخيفًا.

توقع المشاهدون أن الأسد سوف يمزق الرجل ويلتهمه!

ولكن الأسد ما كاد يصل إلى (أندرو كلاس) حتى سكت زئيره الرهيب! … ووضع رأسه عند قدميه، وصار يبصبص بذيله كأنه كلب أليف، ثم رقد على جنبه بهدوء!

الجنود تقبض علي العبد الهارب أندرو كلاس

حفظ الجميل

عرف (أندرو كلاس) في الأسد صديقه الذي كان يؤنسه في الكهف. والذي اختفى بعد أن نصب له الجنود الرومانيون شركاً ليستخدموه في افتراس العبيد الهاربين.

ورقد (أندرو كلاس) إلى جوار الأسد، وطوق عنقه بذراعه.

ودهش جمهور المتفرجين دهشة بالغة!

وصاح فريق منهم: “يجب أن تمنح الحرية لهذا العبد!”.

وتعالت أصوات أخرى تقول: “إنها إرادة السماء، يجب أن يعيش هذا الرجل حرا”.

وهكذا أفرج عن (أندرو كلاس).

ولما أراد أن يغادر الساحة، أبى الأسد أن يفارقه، فسار معه في طرقات روما والناس يعجبون.

وانهالت عليه الهبات المالية، فاتخذ له مسكنا على مشارف الغابة، وكان الأسد يرقد أمام بيته كل ليلة كأنه يحرسه.

مَن مِنَ الناس يتذكر الجميل ولا ينساه كما فعل ذلك الأسد؟

أندرو كلاس يمشي مع الأسد ويحيي الجماهير

المصدر

قصة اندرو كلاس والأسد – حكايات وأساطير للأولاد – منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر – بيروت

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | شيلا ليرو مارسيلو.. رائدة أعمال ألهمت العالم بعزيمة الأبطال الخارقين

Next Post

رييل ستوري | رحلة بيير أوميديار من مكتبة المدرسة إلى قمة عالم التجارة الإلكترونية

Related Posts